Page 234 - merit 49
P. 234

‫العـدد ‪49‬‬                          ‫‪232‬‬

                                       ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                   ‫فقد تمكن محمد علي من بناء‬
                                                                     ‫قوة عسكرية كبيرة استطاع‬
  ‫ُتن َتج‪ ،‬وتحديد أثمان شرائها‬       ‫النهضة الاقتصادية‬
 ‫من المُنتِجين وأثمان بيعها فى‬                                         ‫من خلالها أن ُيك ِّون دولة‬
                                            ‫بدأ محمد علي في بناء‬     ‫قوية منافسة للإمبراطورية‬
    ‫الأسواق؛ ليضمن منافسة‬           ‫الاقتصاد المصري حيث ساءت‬       ‫العثمانية‪ ،‬التي قد بدأ الضعف‬
    ‫الدول الأوروبية في سوق‬           ‫الأحوال الاقتصادية في مصر‬       ‫والوهن يفكك أوصالها؛ فقد‬

            ‫التجارة الدولية‪.‬‬            ‫بشكل كبير في ظل الحكم‬           ‫اخط َّت لنفسه منذ البداية‬
           ‫النهضة التعليمية‪:‬‬           ‫العثماني‪ ،‬ومن ثم كان أول‬      ‫سياسة طموحة حتى تمكن‬
   ‫أولى اهتما ًما بال ًغا بالتعليم‬     ‫الأعمال التي قام بها محمد‬   ‫في وقت قصير من أن يسيطر‬
    ‫حتى يتمكن من بناء دولة‬           ‫علي عندما انفرد بالحكم كان‬    ‫على الكثير من المناطق المحيطة‬
   ‫حديثة‪ ،‬فقد احتاجت الدولة‬            ‫في المجال الاقتصادي‪ ،‬فقام‬
   ‫الحديثة التي أنشأها محمد‬                                             ‫بمصر‪ ،‬ومن هنا استحق‬
‫علي إلى توفير قيادات وقدرات‪،‬‬            ‫بإلغاء نظام الالتزام الذي‬     ‫أن يلقب بـ»مؤسس مصر‬
   ‫عجز التعليم القائم في ذلك‬        ‫وضعته الدولة العثمانية‪ ،‬وبدأ‬    ‫الحديثة»‪ ،‬فقد كان محمد علي‬
    ‫الوقت عن تخريجها‪ ،‬فلجأ‬                                         ‫رج ًل عسكر ًّيا شديد الإعجاب‬
    ‫محمد علي باشا إلى وضع‬              ‫ين ِّظم الاقتصاد المصري في‬  ‫بشخصية نابليون بونابرت(‪.)4‬‬
 ‫نظام تعليمي جديد اقترن في‬            ‫الزراعة والصناعة والتجارة‬    ‫منذ أن انفرد محمد علي بحكم‬
 ‫عهده بأهدافه العسكرية‪ ،‬فقد‬         ‫على نظام الاحتكار‪ ،‬حيث تقوم‬       ‫مصر‪ ،‬أدرك جي ًدا ‪-‬بصفته‬
    ‫كان في حاجة إلى الضباط‬           ‫الحكومة ممثَّلة فى محمد علي‬    ‫كسياسي محنك‪ -‬تأثر مصر‬
  ‫والفنيين من أطباء وصيادلة‬         ‫باشا بالإشراف على الاقتصاد‬        ‫بوقائع السياسة الأوروبية‬
    ‫ومهندسين وغيرهم‪ ،‬قدر‬                                              ‫والتنافس الاستعماري بين‬
  ‫حاجته إلى المرافق والمدارس‬            ‫جملة وتفصي ًل‪ ،‬من خلال‬
                                          ‫تحديد نوع الغلات التى‬           ‫القوى الأوروبية‪ ،‬وأن‬
                                                                          ‫قوة السلطان العثماني‬
                                     ‫ُتز َرع‪ ،‬ونوع المصنوعات التى‬        ‫وحدها لا تكفي للدفاع‬
                                                                        ‫عن مصر أو إنقاذها من‬
‫إبراهيم باشا يقود جيشه في معركة قونية‬                                    ‫الاحتلال الأوروبي‪ ،‬بل‬
                                                                         ‫لا بد لها من قوة ذاتية‬
                                                                           ‫خاصة ُتدافع بها عن‬
                                                                          ‫نفسها؛ لذلك عمل أو ًل‬
                                                                        ‫على بناء دولة قوية وف ًقا‬

                                                                            ‫للنظم الحديثة‪ ،‬التي‬
                                                                            ‫قامت عليها النهضة‬
                                                                             ‫الأوروبية الحديثة‪،‬‬
                                                                          ‫فشملت تحديثاته كافة‬
                                                                            ‫نواحي الحياة‪ ،‬حتى‬
                                                                         ‫أضحت مصر في عهده‬
                                                                        ‫محر ًكا رئيسيًّا للأحداث‬
                                                                            ‫السياسية في شمال‬
                                                                           ‫أفريقيا وغرب آسيا‪.‬‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239