Page 229 - merit 49
P. 229

‫الملف الثقـافي ‪2 2 7‬‬

‫علي باشا مبارك‬  ‫رفاعة الطهطاوي‬  ‫المارشال مارمون‬                     ‫أقامت الدولة عد ًدا من‬
                                                                    ‫المؤسسات الصناعيات‬
   ‫الغربية في ميادين العلوم‬            ‫الأجانب من مختلف‬         ‫المدنية التي وظفت من أجل‬
 ‫والتكنولوجيا‪ ،‬ولم يرفضها‪،‬‬          ‫التخصصات‪ ،‬للإشراف‬           ‫القوات المسلحة؛ فقد أقيمت‬
  ‫بل نهل منها ما يتوافق مع‬       ‫على إدارة المصانع وتشغيل‬           ‫صناعة الملابس بهدف‬
 ‫ثقافة المجتمع المصري‪ ،‬وبما‬        ‫الماكينات‪ ،‬واقتبس الباشا‬       ‫توفير احتياجات الجيش‬
                                 ‫عن الغرب الأوروبى النظم‬            ‫والأسطول من الأزياء‪،‬‬
   ‫يخدم مشروعه السياسي‬           ‫العلمية الحديثة التى كانت‬      ‫كما أنشئت مصانع للجوخ‬
  ‫والاقتصادي‪ ،‬فلم ينظر إلى‬          ‫سائدة فى أوروبا آنذاك‪،‬‬       ‫ببولاق ومصانع الصوف‬
                                     ‫تما ًما كما فعل بالنسبة‬   ‫بالقاهرة ودمنهور ومصانع‬
    ‫أوروبا على أنها مستعمر‬         ‫لبناء الجيش والأسطول‪،‬‬       ‫لعمل البطاطين للبحارة‪ ،‬هذا‬
  ‫فقط‪ ،‬بل يبدو أنه نظر إليها‬                                    ‫إلى جانب صناعات التعدين‬
                                      ‫فقام باستدعاء خبراء‬      ‫المختلفة‪ ،‬وصناعة الطرابيش‬
            ‫من أبعاد شتى‪.‬‬               ‫التعليم الأجانب من‬    ‫والسكر والصناعات الغذائية‪،‬‬
 ‫وإذا كان الباشا قد استعان‬                                         ‫ولم تعرف هذه المصانع‬
                                 ‫مختلف الجنسيات‪ ،‬وشتى‬          ‫التركز في العاصمة فحسب‪،‬‬
   ‫بالخبرات الأجنبية في هذا‬          ‫الاختصاصات العلمية‪،‬‬           ‫بل انتشرت بطول البلد‬
   ‫المجال؛ فانه استعان أي ًضا‬                                    ‫وعرضها سواء في قليوب‬
    ‫بالمصريين‪ ،‬فقد عمل على‬        ‫للنهوض بمستوى التعليم‬             ‫وزفتى والمحلة الكبرى‬
  ‫خلق طبقة مثقفة بمقدورها‬             ‫لا بهدف نشر المعرفة‬     ‫وسمنود والمنصورة ودمياط‬
 ‫أن توفر للجيش والأسطول‬                                          ‫وفوة وشبراخيت بالوجه‬
‫ما يحتاج إليه من خدمات من‬          ‫بين أرجاء الوطن‪ ،‬ولكن‬           ‫البحري‪ ،‬أو بنى سويف‬
   ‫معلمين وهندسيين وكتبة‬         ‫لخدمة مشروعه السياسى‪،‬‬            ‫والمنيا ومنفلوط وأسيوط‬
‫وأطباء؛ لذا فقد أنشأ المدارس‬                                     ‫وطهطا وجرجا وسوهاج‬
                                  ‫وهذا يعكس عقلية الباشا‬         ‫بالوجه القبلي‪ .‬وقد أُ ِّسس‬
     ‫الفنية العالية في مختلف‬   ‫المستنيرة؛ فهو لم يقف موق ًفا‬   ‫جهاز إداري فعال للإشراف‬
   ‫النواحى العسكرية‪ ،‬وكان‬      ‫جام ًدا إزاء التطورات الكبيرة‬        ‫على كافة هذه المصانع‪،‬‬
  ‫هناك عدد من الذين تعلموا‬                                           ‫وتقديم تقارير دورية‬
                                     ‫التي طرأت على العقلية‬    ‫تتناول أحوال العمل والعمال‬
                                                                     ‫ومعدلات الإنتاج‪ ،‬هذا‬
                                                                 ‫بالإضافة إلى جانب القيام‬
                                                                 ‫بعدة تجارب على الخامات‬
                                                                 ‫المستخدمة لزيادة الإنتاج‬

                                                                               ‫وتحسينه‪.‬‬
                                                                ‫وقد استتبع حركة التوسع‬
                                                                 ‫في إنشاء المصانع الحربية‬

                                                                  ‫وإدخال الآلات والمعدات‬
                                                                 ‫الحديثة المتطورة ضرورة‬
                                                               ‫الاستعانة بالخبراء والفنيين‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234