Page 230 - merit 49
P. 230

‫العـدد ‪49‬‬                             ‫‪228‬‬

                              ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                     ‫في الأزهر أصبحوا نواة لهذه‬
                                                              ‫النخبة‪ ،‬التي درست في هذه‬
  ‫وغيرها استفاد منها قطاع‬                 ‫محمد دويدار‬
     ‫لا بأس به من المواطنين‬                                      ‫المدارس وأكملت ثقافتها‬
                                 ‫الإمكانات والموارد‪ ،‬في أن‬     ‫في أوروبا‪ ،‬وأظهرت نبو ًغا‬
   ‫وأفرزت عد ًدا من المفكرين‬      ‫يخمد ثورة الوهابيين في‬       ‫وتفو ًقا واض ًحا‪ ،‬وقد برهن‬
   ‫والكتاب أمثال الطهطاوي‬     ‫الجزيرة العربية‪ ،‬ويتمكن من‬     ‫الباشا بذلك على بعد نظره في‬
                               ‫فتح السودان‪ ،‬ويخمد مورة‬        ‫أن التعليم العالي والاقتباس‬
       ‫وعلي مبارك وغيرهم‪،‬‬       ‫المورة‪ ،‬لتصل نجاحات هذا‬       ‫من الثقافة الحديثة هو خير‬
 ‫وحظيت البلاد بمجموعة من‬        ‫الجيش ذروتها في المواجهة‬
‫المهندسين والمفكرين والأطباء‬                                          ‫ما تنهض به الأمم‪.‬‬
                                     ‫المباشرة مع السلطان‬      ‫وقامت البعثات التي أوفدها‬
  ‫والمعلمين‪ ،‬وأي ًضا مجموعة‬                     ‫العثمانى‪.‬‬
   ‫من مدارس الطب «القصر‬                                         ‫محمد على بنقل الكثير من‬
  ‫العينى بالقاهرة» والهندسة‬        ‫ومن ثم يمكن القول إن‬         ‫العلوم والمعارف إلى اللغة‬
 ‫والزراعة والبيطرة وغيرها‪،‬‬          ‫النهضة الصناعية التي‬
   ‫أضف إلى ذلك أن مصانع‬         ‫شهدتها الدولة المصرية في‬          ‫العربية‪ ،‬فنشطت حركة‬
 ‫النسيج والجوخ والطرابيش‬          ‫النصف الأول من القرن‬         ‫الترجمة ثم حركة التأليف‪،‬‬
  ‫وغيرها ظلت تخدم المجتمع‬          ‫التاسع عشر هي نهضة‬
 ‫المصري لأجيال طويلة حتى‬      ‫جيش‪ ،‬أغلب المنشآت الحديثة‬           ‫وبدأت العلوم والمعارف‬
   ‫بعد انتهاء عهد محمد علي‪،‬‬    ‫التي أدخلها محمد على باشا‬      ‫الحديثة تنتشر بين الطبقات‬
 ‫ومشروعات الري والجسور‬        ‫كانت متفرعة من هذا الصرح‬       ‫وخاصة حين لقيت التشجيع‬
  ‫التي أسست من أجل ترقية‬         ‫العظيم‪ ،‬وكانت الفكرة في‬
 ‫القطاع الزراعي لتوفير كافة‬      ‫تأسيسها الوفاء بحاجات‬           ‫من الباشا‪ ،‬وأقام مطبعة‬
                               ‫الجيش‪ ،‬وكان لهذه النهضة‬              ‫بولاق ومطبعة أخرى‬
     ‫حاجات الجيش استفاد‬         ‫الصناعية أثرها في المجتمع‬
 ‫منها المجتمع المصري بكافة‬       ‫المصري‪ ،‬فالبنية التعليمية‬    ‫صغيرة هي مطبعة مدرسة‬
                               ‫والطبية التي أسست استفاد‬         ‫المدفعية بطرة‪ ،‬وأخرى في‬
    ‫طوائفه‪ .‬ولعل الاستفادة‬        ‫منها المجتمع المصري في‬      ‫أبى زعبل وثالثة في مدرسة‬
    ‫الكبرى هي تأسيس ذلك‬            ‫التعليم والعلاج‪ ،‬وأي ًضا‬    ‫الفرسان بالجيزة‪ ،‬وأصدر‬
   ‫الجيش العظيم الذى حمى‬      ‫البعثات التي أرسلها من أجل‬        ‫الوقائع المصرية ‪1828‬م‪.‬‬
    ‫الدولة المصرية ولا يزال‬      ‫اكتساب الفنون العسكرية‬
    ‫وكان بحق در ًعا وسي ًفا‪.‬‬                                        ‫ومن ثم حققت البلاد‬
   ‫وعلى الرغم من النجاحات‬                                     ‫لجيشها اكتفا ًء ذاتيًّا إلى حد‬
 ‫التي حققتها الصناعة بشكل‬                                      ‫كبير‪ ،‬وبالتالي يمكن القول‬
‫عام في عهد محمد علي باشا‪،‬‬
‫فإن المشروع الصناعي الذى‬                                         ‫إن الصناعات العسكرية‬
     ‫نفذته الدولة في النصف‬                                   ‫كانت أكثر المشروعات نجا ًحا‬
‫الأول من القرن التاسع عشر‬
   ‫كان قد انتابه قصور أدى‬                                      ‫من ناحية التنظيم والإدارة‬
    ‫إلى تراجعه بمجرد انتهاء‬                                   ‫وحسن الأداء فى الإنتاج إلى‬
‫دور الدولة التي كانت ترعاه‪،‬‬                                  ‫جانب جودته‪ ،‬والذى ضارع‬
     ‫فالتحول الصناعي الذى‬                                     ‫الإنتاج الأوروبى‪ ،‬فاستطاع‬
    ‫شهدته البلاد كان نتيجة‬                                     ‫بالتالى الجيش المصرى أن‬
     ‫قرارات حكومية‪ ،‬وليس‬                                       ‫يخوض غمار معارك قوية‬
 ‫نتيجة تحولات طبيعية‪ ،‬كما‬                                     ‫في وقت قصير‪ ،‬رغم القيود‬

                                                                  ‫السياسية والاقتصادية‬
                                                                 ‫التي كانت تحيط بالدولة‬
                                                               ‫المصرية آنذاك‪ ،‬ومحدودية‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235