Page 228 - merit 49
P. 228

‫العـدد ‪49‬‬                             ‫‪226‬‬

                                ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                                    ‫أجور يومية‪.‬‬
                                                                  ‫وإلى جانب ترسانة القلعة‬
 ‫كانت نواة للصناعة المصرية‬           ‫البلاد على الفحم الوارد‬       ‫أقيمت معامل البارود في‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وهذا بشهادة بعض‬             ‫من إنجلترا‪ ،‬وفى الوقت‬        ‫المقياس بجزيرة الروضة‪،‬‬
‫الرحالة الذين زاروا مصر في‬        ‫نفسه أقيمت تجارب عديدة‬       ‫وكان بناؤه فسي ًحا ومناسبًا‬
                                   ‫لاستخدام أصناف الوقود‬
  ‫هذه الفترة أمثال الفرنسى‬       ‫المحلية في إدارة الآلات‪ ،‬ومن‬          ‫ومنعز ًل عن المناطق‬
  ‫المارشال مارمون الذى زار‬       ‫ذلك أن محمد على باشا أمر‬        ‫الس َّكانية‪ ،‬وقد تولى إدارته‬
 ‫ترسانة القلعة سنة ‪1834‬م‪،‬‬          ‫باستعمال كسب الكتان في‬          ‫أحد الفرنسيين‪ ،‬وكان به‬
                                ‫إدارة مصنع النحاس وتجربة‬        ‫نحو تسعين عام ًل موزعين‬
   ‫وأعجب بنظامها وأعمالها‬         ‫استخدام زيت بذرة القطن‬         ‫على أقسام المعمل‪ ،‬كان من‬
      ‫وكتب عنها‪« :‬زرت دار‬        ‫كوقود‪ ،‬كما أمر بالبحث عن‬         ‫بينهم ‪ 18‬عام ًل يشتغلون‬
                                 ‫أشجار الصفصاف والسنط‬
 ‫الصناعة وعنيت بها فح ًصا‬           ‫وق َّطعها لعمل الفحم‪ ،‬هذا‬      ‫في خلط الكبريت والفحم‬
    ‫وتق ِّصيًا‪ ،‬فألفيت البنادق‬     ‫في الوقت الذى واصل فيه‬         ‫وملح البارود‪ ،‬و‪ 21‬عام ًل‬
   ‫التي تصنع فيها بالغة من‬         ‫البحث عن الفحم حتى في‬         ‫آخرين يشتغلون في تقليب‬
   ‫الجودة مبلغ ما يصنع في‬        ‫خارج مصر في بلاد الشام‪.‬‬          ‫البارود في الطواحين التي‬
    ‫معاملنا‪ ،‬وهى تصنع على‬          ‫ومع أن الباشا قد نجح في‬         ‫بلغ عددها عشرة‪ ،‬وكان‬
    ‫الطراز الفرنسي‪ ،‬وتتخذ‬          ‫إدارة بعض آلات مصانعه‬        ‫لكل طاحون عشرون مدقة‪،‬‬
                                      ‫بالبخار بفضل تجاربه‬       ‫تحركها عشرات الآلات التي‬
  ‫فيها الاحتياطات والوسائل‬        ‫العديدة‪ ،‬ولكن ظلت مسالة‬         ‫تديرها الدواب ويقودوها‬
 ‫التي نستعملها نحن لضمان‬        ‫إدارة الآلات بالقوة الحيوانية‬  ‫عشرة رجال‪ ،‬وأربعون عام ًل‬
‫جودة الأسلحة‪ ،‬وتتبع النظام‬      ‫نقطة ضعف ظاهرة في نظامه‬            ‫يشتغلون في صنع الرش‬
                                ‫الصناعي‪ ،‬ومجا ًل لنقد عنيف‬        ‫ويصنع منه كل يوم نحو‬
   ‫نفسه الذى نتبعه نحن في‬        ‫تلقاه من معارضي سياسته‬           ‫‪ 35‬قنطا ًرا‪ ،‬وكان البارود‬
    ‫تصريف العمل وتوزيعه‬
‫والرقابة عليه‪ ،‬وكل ما يصنع‬                       ‫الصناعية‪.‬‬           ‫يصنع بطريقة التبخير‬
    ‫فيها قطعة قطعة‪ ،‬ومعمل‬       ‫ورغم تلك المعارضة للتجربة‬      ‫باعتبارها أوفر الطرق ماد ًّيا‪،‬‬
‫القلعة يضارع أحسن معامل‬         ‫الصناعية تبقى محاولة مهمة‬      ‫وقد انتشرت هذه المعامل قى‬
 ‫الأسلحة في فرنسا من حيث‬                                        ‫القاهرة والبدرشين والفيوم‬
 ‫الإحكام والجودة والتدبير»‪.‬‬
     ‫ولضمان تحقيق اكتفاء‬                                            ‫والطرانة‪ ،‬هذا إلى جانب‬
    ‫ذاتي للجيش والأسطول‬                                          ‫مسبك للحديد ببولاق‪ ،‬كما‬
                                                                ‫أعد الباشا مكا ًنا خا ًّصا على‬
                                                                ‫سفح المقطم لمخازن البارود‬

                                                                                 ‫والقنابل‪.‬‬
                                                                ‫غير أن كافة هذه الصناعات‬
                                                               ‫كانت قد أقيمت في ظل نقص‬

                                                                   ‫شديد فى مصادر الطاقة‬
                                                                 ‫كالفحم وغيره‪ ،‬حيث كانت‬

                                                                    ‫البلاد تفتقر إليها‪ ،‬وهو‬
                                                                  ‫ما مثل تحد ًيا قو ًّيا لقطاع‬
                                                                 ‫الصناعة الناشئ‪ ،‬فاعتمدت‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233