Page 231 - merit 49
P. 231

‫الملف الثقـافي ‪2 2 9‬‬

  ‫دراسة مستفيضة‪ ،‬وقامت‬            ‫عشر بشكل عام أصاب‬             ‫حدث في أوروبا عندما أدى‬
 ‫بمعايشة البيئة المصرية كما‬    ‫الأوساط الأوروبية بالذعر‬       ‫انهيار نظام الإقطاع وتراجع‬
‫فعلت اليابان‪ ،‬أضف إلى ذلك‬
                                   ‫الشديد‪ ،‬فقد ترتب على‬            ‫السياسة المرتبطة به إلى‬
  ‫أن القوة العسكرية الشابة‬     ‫هذا المشروع تحول الدولة‬           ‫ظهور طبقة من التجار أو‬
 ‫التي أقامها محمد علي باشا‬     ‫المصرية إلى قوة اقتصادية‬         ‫الوسطاء نجحت في تحقيق‬
‫كانت تتسع وتتزايد وشكلت‬                                       ‫ثروة طائلة قامت باستثمارها‬
‫خط ًرا على فكرة توازن القوى‬       ‫وعسكرية شكلت خط ًرا‬         ‫في تمويل الصناعات الحرفية‬
‫التي تشدق بها الغرب‪ ،‬ومن‬     ‫كبي ًرا على المصالح الأوروبية‬     ‫في الريف والمنازل‪ ،‬وبمرور‬
‫ثم تحالفت الدول الاأوروبية‬                                    ‫الوقت زادت المبيعات وأصبح‬
  ‫من أجل تحجيم محمد علي‬        ‫في منطقة الشرق الأوسط‪،‬‬          ‫زيادة الثروة مرهو ًنا بزيادة‬
                               ‫لاسيما بريطانيا التي كانت‬          ‫إنتاج السلع‪ ،‬وكلما زادت‬
   ‫وتجربته التنموية الفريدة‬    ‫قد قطعت شو ًطا عظي ًما في‬      ‫الحاجة والمنتجات نمت رقعة‬
     ‫في هذه المنطقة الحيوية‬    ‫الثورة الصناعية سبقت به‬            ‫المصانع وتطورت الآلات‬
    ‫من العالم‪ ،‬وتحت ضغط‬                                         ‫الصناعية‪ ،‬وتزامن مع ذلك‬
    ‫القوة الأوروبية المسلحة‬      ‫نظرائها من دول الغرب‪،‬‬
    ‫وضعف الكيان العثماني‬          ‫فأصبحت بحاجة ماسة‬                 ‫ظهور المبادلات النقدية‬
                                ‫للحصول على المواد الخام‬       ‫وأدوات الوفاء الجديدة وقيام‬
    ‫سقط مشروع محمد على‬        ‫من مصادرها الطبيعية؛ لأن‬        ‫المؤسسات المالية التي يسرت‬
 ‫بجرة قلم‪ ،‬تمثلت في اتفاقية‬      ‫غلق الأسواق المصرية في‬        ‫جمع المدخرات واستثمارها‪،‬‬
  ‫لندن الشهيرة عام ‪،1840‬‬     ‫وجه البضائع الإنجليزية كان‬       ‫كالبنوك والشركات المساهمة‬
 ‫التي ترتب عليها تحديد عدد‬     ‫من شأنه أن يحرم إنجلترا‬
  ‫الجيش‪ ،‬وإغلاق العديد من‬     ‫من مصر ومواردها‪ ،‬وربما‬             ‫وهو ما لم يتوفر للتجربة‬
‫المصانع العسكرية‪ ،‬وبتصفية‬      ‫يتمدد هذا المشروع ليشمل‬                          ‫المصرية‪.‬‬
‫تجربة بناء الاقتصاد الوطني‬       ‫مساحات أكبرمن مناطق‬
   ‫المستقل انتهى دور الدولة‬   ‫النفوذ الأوروبى التي تتطلع‬              ‫هذا إلى جانب موقف‬
  ‫المصرية في إدارة الاقتصاد‬    ‫إليها إنجلترا في المنطقة‪ ،‬إذا‬        ‫الدول الأجنبية المعادي‬
                               ‫حذت بعض البلاد المتخلفة‬         ‫للتجربة المصرية؛ فالمشروع‬
      ‫* مدرس مساعد كلية‬        ‫حذو التجربة المصرية التي‬             ‫الاقتصادي والسياسي‬
      ‫الاداب جامعة القاهرة‬        ‫جذبت أنظار العديد من‬          ‫للدولة المصرية في النصف‬
                                ‫الأقطار‪ ،‬وقامت بدراستها‬            ‫الأول من القرن التاسع‬

‫وبناء مصر الحديثة‪ ،‬ترجمة‪ :‬شريف يونس‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬                                     ‫مراجع‪:‬‬
                                       ‫القاهرة ‪.2001‬‬
                                                       ‫‪ -‬أحمد الدماصي‪ :‬الاقتصاد المصرى في القرن التاسع‬
  ‫‪ -‬رؤوف عباس حامد‪ :‬محمد على رؤية جديدة المشروع‬       ‫عشر ‪ ،1840 -1800‬ج‪ ،1‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
   ‫السياسى لمحمد على باشا‪ ،‬مقال منشور بمجلة الهلال‪،‬‬
                                                                                          ‫القاهرة ‪1994‬م‪.‬‬
                                       ‫أكتوبر ‪1998‬م‪.‬‬     ‫‪ -‬أحمد الشربينى‪ :‬التجارة المصرية في عصر الحرية‬
‫‪ -‬على الجريتلى‪ :‬تاريخ الصناعة في مصر في النصف الأول‬      ‫الاقتصادية (‪ ،)1914 -1840‬مصر النهضة‪ ،‬القاهرة‬

     ‫من القرن التاسع عشر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ‪.1952‬‬                                            ‫‪2022‬م‪.‬‬
     ‫‪ -‬عمر طوسون‪ :‬الصنائع والمدارس الحربية‪ ،‬القاهرة‬      ‫‪ -‬إسماعيل زين الدين‪ :‬الأجانب في الإدارة المصرية‪،‬‬

                                              ‫‪1935‬م‪.‬‬                                      ‫القاهرة ‪2021‬م‪.‬‬
‫‪ -‬محمد دويدار‪ :‬الاقتصاد المصرى بين التخلف والتطوير‪،‬‬      ‫‪ -‬خالد فهمى‪ :‬كل رجال الباشا‪ -‬محمد على وجيشه‬

                ‫دار الجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة ‪1977‬م‪.‬‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236