Page 236 - merit 49
P. 236

‫العـدد ‪49‬‬                              ‫‪234‬‬

                               ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                          ‫أصول المحاسبة والفنون‬
                                                                  ‫والصنايع والزراعة‪ ،‬وكان‬
 ‫دوافع وأهداف محمد‬                   ‫المساواة بين في الحقوق‬    ‫يلتحق بهذه المدارس في البداية‬
         ‫علي‬                    ‫والواجبات؛ حيث شغل بعض‬         ‫تلاميذ الأزهر والكتاتيب الذين‬
                                ‫الأقباط مراكز هامة في الدولة‬    ‫حصلوا على قسط معقول من‬
  ‫بعد أن وصل محمد على إلى‬                                       ‫التعليم‪ ،‬ثم أصبحت المدارس‬
‫كرسي الحكم وأصبح الحاكم‬           ‫دون النظر إلى الدين‪ ،‬فكان‬        ‫عامة ومدنية الطابع‪ ،‬وقد‬
                               ‫أول حاكم مسلم يمنح موظفي‬           ‫أوجد هذا النوع من التعليم‬
  ‫الفعلي دون منازع في مصر‬
‫بإرادة شعبية ورضا الشيوخ‬             ‫الدولة من الأقباط رتبة‬          ‫ثقافة مدنية تختلف عن‬
‫والعامة‪ ،‬حرص في بداية الأمر‬        ‫الباكوية عرفا ًنا بخدماتهم‬      ‫الثقافة الدينية السائدة في‬
‫على الخضوع لإرادة السلطان‬      ‫لمصر‪ ،‬كما أتخذ له مستشارين‬        ‫ذلك الوقت‪ .‬ومن هنا‪ ،‬كانت‬
                                                               ‫هناك ازدواجية ال ِفكر والثقافة‬
     ‫العثماني؛ ومن ثم وضع‬                      ‫من الأقباط‪.‬‬        ‫التي تعتبر إحدى مشكلات‬
  ‫إمكانياته طوع مشيئة الباب‬      ‫وكان من أهم القرارات التي‬      ‫الثقافة والتفكير في مصر‪ ،‬بل‬
‫العالي وتمكن من قمع حركات‬                                       ‫وتقف حجر عثرة أمام عملية‬
   ‫التمرد في الجزيرة العربية‬        ‫أصدرها لتطبيق المواطنة‬          ‫التحديث ومدنية الدولة‪.‬‬
‫وكريت واليونان‪ ،‬لكن سرعان‬         ‫بمفهومها الشامل‪ ،‬أن ألغي‬
                               ‫إجبار الأقباط على ارتداء أزياء‬  ‫محمد علي وتحقيق قيم‬
     ‫ما تغيرت سياسته تجاه‬       ‫معينة‪ ،‬والتي كانت مفروضة‬              ‫المواطنة‬
  ‫الدولة العثمانية فقد أصابها‬
                                     ‫عليهم من قبل السلطنة‬        ‫حرص محمد على منذ بداية‬
    ‫الفتور وتطورت إلى عداء‬       ‫العثمانية التي كانت ملتزمة‬    ‫حكمه على تطبيق قيم المواطنة‪،‬‬
  ‫سافر‪ ،‬إذ بدأ في التوسع في‬     ‫بببنود الوثيقة العمرية‪ ،‬فخلع‬
‫مختلف المناطق التابعة للدولة‬   ‫الأقباط الزى الأزرق والأسود‬          ‫وعدم التمييز على أساس‬
‫العثمانية ومحاولة الاستقلال‬                                     ‫الدين‪ ،‬ومن هنا تمتع الأقباط‬
                                   ‫الذي كان مفرو ًضا عليهم‬       ‫في عصر محمد على بحقوق‬
                    ‫عنها(‪.)7‬‬     ‫من قبل السلطات العثمانية‪،‬‬     ‫المواطنة‪ ،‬والمساواة بين جميع‬
  ‫والسؤال الذي يطرح نفسه‪:‬‬        ‫وأصبحوا يلبسون الكشمير‬
                                ‫الملون وغيره‪ ،‬كما تم السماح‬                ‫المصريين‪ ،‬حيث‬
    ‫هل كان يسعى إلى ميراث‬       ‫لهم بركوب البغال والخيول‪،‬‬                   ‫قضى تدريجيًّا‬
 ‫الخلافة العثمانية الإسلامية‪،‬‬      ‫وحمل السلاح وذلك لأول‬
‫وأن يتحول الحكم إلى الأسرة‬      ‫مرة‪ ،‬وببناء الكنائس‪ ،‬والحق‬                     ‫على التفرقة‬
                                ‫في ممارسة الطقوس الدينية‪.‬‬                      ‫بين الأقباط‬
     ‫العلوية وأن يعتلي عرش‬                                                  ‫والمسلمين‪ ،‬على‬
                                                                          ‫أساس أن كليهما‬
                                                                           ‫يتمتعان بحقوق‬
                                                                          ‫المواطنة‪ ،‬فتلاشت‬
                                                                           ‫في عهده الفروق‬
                                                                               ‫بين الأقباط‬
                                                                                ‫والمسلمين‪،‬‬
                                                                            ‫فكانت سياسته‬
                                                                          ‫تهدف إلى تحقيق‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241