Page 240 - merit 49
P. 240

‫العـدد ‪49‬‬                                     ‫‪238‬‬

                            ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                                 ‫أن نفهم الإطار‬
                                                                    ‫السياسي لحروب‬
‫والي مصر بإعداد الحملة لثورة قامت هناك ضد‬                           ‫محمد علي‪ ،‬ونحن‬               ‫يمكننا‬
                                                                     ‫نعرف أن «قاطرة‬
‫التي تقضي على الوهابيين الدولة العثمانية‪ ،‬وعمل فيها‬
‫وثورتهم‪ ،‬وكان محمد علي الوالي بجيشه امتثا ًل لأمر‬                     ‫التنمية» في ذلك‬
‫قد انتهى من ملاحقة المماليك السلطان‪ ،‬وأخضع الثائرين‬                   ‫العهد كانت هي‬
‫بمصر وكسر شوكتهم‪ .‬فأعد هناك لصالح السلطان‪ .‬وكان‬                       ‫الجيش‪ ،‬ويقصد‬
‫جي ًشا من قواته التقليدية مكسب محمد علي من هذه‬
                            ‫من الأرناؤوط في غالبهم‬                        ‫«بالقاطرة» هنا مجال‬
‫الحرب ومن الانتصار فيها‪،‬‬                                           ‫الاهتمام السياسي الأساسي‪،‬‬
‫وفرسان الترك‪ ،‬وأعد المراكب أنه زاد قدره في حراسة‬
                            ‫التي تنقلهم عبر البحر‬                     ‫والذي تقتضي تنميته‪ ،‬أو‬
‫الدولة العثمانية وعظم شأنه‬                                           ‫أنها تؤدي إلى شد مجالات‬
                            ‫الأحمر‪ ،‬بقيادة طوسون ابن‬                ‫النشاط الاقتصادي والثقافي‬
                                                                   ‫المختلفة إلى هذا المجال المحرك‬
                            ‫محمد علي‪ ،‬و ُهزم جيشه‬                    ‫الأساسي‪ ،‬فيتحرك المجتمع‬
                            ‫أو ًل ثم عاد إلى الانتصارات‬             ‫كله ويتصاعد نموه‪ ،‬وبتنمية‬

                            ‫الجزئية‪ ،‬وعلى مدى متطاول‪،‬‬                  ‫الجيش يقوى محمد علي‬
                                                                      ‫بحسبانه من ولاة الدولة‪،‬‬
                            ‫واستولى على مكة ثم المدينة‬                 ‫ويع ِّظم مكانه بين النخبة‬
                                                                      ‫العثمانية‪ ،‬وتنمو به أهمية‬
                            ‫في أواخر ‪ 1812‬وأوائل‬                   ‫مصر بحسبانها قاعدة الحكم‬
                                                                       ‫التي أوجدت هذا الجيش‪،‬‬
‫د‪.‬عبد الحميد صبحي ناصف*‬       ‫‪ ،1813‬ثم تكبد جيشه‬                       ‫في الإطار العثماني العام‪،‬‬
                            ‫مجموعة خسائر فادحة‪،‬‬                     ‫وتقوى به سلطة الخلافة في‬
                                                                   ‫مواجهة ثورات الداخل عليها‬
                            ‫وسافر‬                                  ‫ومخاطر الخارج المحدقة بها‪.‬‬

‫إبراهيم حــــروب الباشا‬                                                 ‫وأول حروب محمد علي‬
                                                     ‫الابن الأكبر‬       ‫كانت الحروب الوهابية‬
                                                       ‫لمحمد علي‬    ‫‪ 1819 -1811‬إذ قامت وتمت‬
                                                                     ‫الحركة الوهابية السعودية‬
                            ‫إلى هناك‬                                  ‫في جزيرة العرب بد ًءا من‬
                                                                     ‫نجد‪ ،‬ثم امتدت إلى الحجاز‬
                            ‫وارسلت الإمدادات من‬                         ‫وسيطرت على الحرمين‬
                                                                     ‫الشريفين في مكة والمدينة‪،‬‬
                            ‫الجند وغيرها وبقيت الحرب‬                    ‫والسلطان العثماني هو‬
                            ‫سجا ًل من الحجاز إلى نجد‬                ‫خليفة المسلمين‪ ،‬ومن ألقابه‬
                                                                          ‫أنه «حامي الحرمين»‪،‬‬
                            ‫حتى سقطت الدرعية عاصمة‬                 ‫وخروج الحرمين من حمايته‬
                                                                     ‫مما يجرح شرعية حكومته‬
                            ‫الوهابيين والسعوديين في‬                ‫حسب الثقافة السائدة‪ ،‬فكلف‬

                            ‫سنة ‪ ،1818‬وهي في نجد‬

                            ‫قرب الرياض‪ .‬ودمرها‬

                            ‫جيش محمد علي تدمي ًرا رغم‬
                            ‫سابق وعده بتأمينها‪ ،‬كما‬

                            ‫أنه أ َّمن زعيمهم عبد الله بن‬
                            ‫سعود وكرمه‪ ،‬ثم أرسله إلى‬

                            ‫الآستانة فقتله هناك رجال‬

                            ‫الباب العالي‪.‬‬

                            ‫والحرب هنا عثمانية من‬

                            ‫بدئها إلى نهايتها‪ ،‬وحملة‬

                            ‫محمد علي إلى الجزيرة‬

                            ‫العربية كانت حملة قمع‬
   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245