Page 243 - merit 49
P. 243

‫الملف الثقـافي ‪2 4 1‬‬

‫السلطان محمود الثاني‬  ‫السلطان عبد الحميد الأول‬  ‫ابراهيم فوزي باشا‬     ‫التحرير الوطني المصري‪،‬‬
                                                                    ‫ويلحظ هذا المناخ في كتابات‬
  ‫كان إبراهيم متنب ًها إلى هذا‬    ‫وقد انهزم جيش السلطان‬             ‫الوطنيين المصريين مثل عبد‬
   ‫الاعتبار‪ ،‬واقترح على أبيه‬      ‫محمود هزيمة واضحة في‬             ‫الرحمن الرافعي‪ ،‬ومنهم قائل‬
 ‫أن يتحركوا بسرعة قبل أن‬
  ‫تتدخل أوروبا‪ ،‬ولكن الأب‬            ‫‪ 1832‬ودمرت قواته في‬              ‫بأن محمد علي كان يقصد‬
‫كان يدرك أن هذه المسالة من‬      ‫قونية‪ .‬وأرسل القائد إبراهيم‬            ‫إقامة وحدة عربية بدليل‬
  ‫الخطورة بحيث إن أوروبا‬        ‫إلى أبيه محمد علي يخطره أنه‬         ‫وقوفه عند الحدود الشمالية‬
    ‫لن تستطيع هضمها وإن‬                                            ‫لسوريا لم يجاوزها‪ ،‬ووقوفه‬
                                  ‫لم تعد توجد في طريقه إلى‬              ‫في السودان عند حدوده‬
         ‫السرعة لن تجدي‪.‬‬          ‫إستامبول أية قوة مقاومة‪،‬‬            ‫الجنوبية تقريبًا لمن يتكلم‬
     ‫وقد ثبت من بعد صحة‬            ‫وطلب إلى أبيه «بحق حبنا‬             ‫العربية‪ ،‬ومن هؤلاء مثلا‬
    ‫نظر محمد علي وصواب‬            ‫لهذه الأمة‪ ..‬ولمصلحة هذه‬              ‫كتابات العربي المشرقي‬
  ‫تقديره لموازين القوة‪ ،‬ذلك‬        ‫الأمة كلها‪ ،‬ومن أجل ذلك‬
    ‫أن وجود وحدة سياسية‬                                                       ‫د‪.‬ذوقان قرقوط‪.‬‬
 ‫أو تنسيق سياسي تستمده‬               ‫يجب علينا أن نرجع إلى‬            ‫لقد كان صنيع محمد علي‬
  ‫قوة عسكرية واحدة قادرة‬           ‫القرار الأول‪ ،‬أي خلع هذا‬        ‫عندما قاد قواته البرية بقيادة‬
   ‫أو تحالف عسكري وثيق‪،‬‬            ‫السلطان المشؤوم ووضع‬             ‫ابنه إبراهيم إلى الشام‪ ،‬كان‬
    ‫ويجمع جيش إستامبول‬            ‫ابنه ولي العهد على العرش‪،‬‬             ‫ذلك منه عم ًل من أعمال‬
   ‫إلى دمشق إلى القاهرة إلى‬                                         ‫الفتنة والتمرد‪ ،‬وهو لم يفكر‬
    ‫الحجاز‪ ،‬إن وجو ًدا كهذا‬           ‫حتى يكون ذلك بمثابة‬           ‫في أن يستقل بمصر في ذلك‬
  ‫يمتنع به احتمال أي هجوم‬        ‫محرك يحرك هذه الأمة من‬                ‫الوقت من بدايات ‪،1830‬‬
    ‫أجنبي يهدد هذه الديار‪،‬‬                                            ‫وكان ذلك لا يكلفه مؤونة‬
  ‫وهذه خبرة التاريخ قديمه‬            ‫سباتها العميق»‪( .‬البطل‬          ‫حملة عسكرية‪ ،‬وكان يمكن‬
                                 ‫الفاتح إبراهيم باشا‪ ،‬داوود‬        ‫أن يتخذ جيشه في ذلك وضع‬
                                                                     ‫الدفاع عن مصر التي أعلن‬
                                    ‫بركات) إلا أن محمد علي‬            ‫استقلالها‪ ،‬وهو واثق من‬
                                   ‫قرر أن التحرك الأوروبي‬              ‫أن السلطان لن يستطيع‬
                                    ‫لم يكن يسمح بذلك‪ .‬وقد‬            ‫أن يقتحم عليه داره‪ ،‬وكان‬
                                                                    ‫مع محمد علي في ذلك أرض‬
                                                                     ‫السودان وشعبه وسواحل‬
                                                                      ‫البحر الأحمر ووضعه في‬
                                                                       ‫الحجاز وجزيرة العرب‪.‬‬

                                                                         ‫إن كان يريد أن ينشئ‬
                                                                   ‫إمبراطورية مصرية مستقلة‪،‬‬

                                                                     ‫ولكن سعيه بجيشه البري‬
                                                                     ‫الكثيف إلى أرض الشام هو‬

                                                                        ‫دليل على أنه يقوم بعمل‬
                                                                    ‫من أعمال العصيان والتمرد‬
                                                                    ‫العسكري ضد سلطة الدولة‬
                                                                   ‫المركزية في النطاق العثماني‪.‬‬
   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248