Page 242 - merit 49
P. 242

‫العـدد ‪49‬‬                            ‫‪240‬‬

                              ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                        ‫بعد‪ ،‬فإن البداية والجزء‬
                                                              ‫الأغلب في توحيد السودان‬
          ‫والجزائر والمغرب‪.‬‬               ‫ذوقان قرقوط‬         ‫جرى على يد محمد علي في‬
      ‫وهنا تظهر طبيعة هذه‬
      ‫الحرب في إطار الدولة‬        ‫أن الدولة العثمانية كانت‬             ‫هذا الوقت المبكر‪.‬‬
      ‫العثمانية وبتكليف من‬    ‫تسيطر على نحو ثلاثة أرباع‬          ‫ثم ترد بعد ذلك الحرب‬
‫السلطان‪ ،‬وبهدف قمع الثورة‬     ‫سواحل البحر الأبيض‪ ،‬وهي‬        ‫الثالثة‪ ،‬وهي حرب اليونان‪،‬‬
   ‫اليونانية القائمة ضد هذه‬                                     ‫إذ كانت ثورة اليونانيين‬
‫الدولة‪ .‬ومحمد علي في خوض‬          ‫السواحل الشمالية للبحر‬      ‫ضد الدولة العثمانية قامت‬
     ‫هذه الحرب إنما يتحرك‬      ‫جنوبي بلاد اليونان وتركيا‬         ‫في مارس ‪ ،1821‬وكانت‬
    ‫بقواته لتنفيذ السياسات‬                                      ‫القوى الأوروبية الكبرى‬
   ‫العثمانية‪ ،‬في مواجهة هذه‬      ‫والأناضول‪ ،‬ثم السواحل‬        ‫هي من ساعد الثوار وأجج‬
 ‫الثورة‪ ،‬وفي مواجهة صراع‬      ‫الشرقية للبحر على طول بلاد‬     ‫حركتهم‪ ،‬لا لتستقل اليونان‬
      ‫القوى العالمي بين هذه‬                                   ‫فقط‪ ،‬ولكن لكي تنهك القوة‬
‫الدولة وبين الدول الأوروبية‬       ‫الشام من سوريا ولبنان‬     ‫العثمانية‪ ،‬واستنجد السلطان‬
‫الغربية‪ ،‬التي كانت تعمل على‬        ‫وفلسطين‪ ،‬ثم السواحل‬         ‫محمود الثاني بمحمد علي‬
‫تفكيك الدولة العثمانية وإرث‬       ‫الجنوبية للبحر على طول‬      ‫في يناير ‪ 1824‬وكلفه بقمع‬
                              ‫سواحل مصر وليبيا وتونس‬        ‫الثورة‪ ،‬وجنَّد محمد علي لهذه‬
                   ‫أسلابها‪.‬‬                                    ‫المهمة‪ ،‬فأعد حملة من ‪51‬‬
      ‫ثم ترد بعد ذلك رابعة‬                                  ‫بارجة حربية مصرية و‪1146‬‬
   ‫الحروب وخامستها‪ ،‬وهما‬                                       ‫نقالة و‪ 17‬ألف جندي من‬
‫حرب الشام الأولى في أكتوبر‬                                    ‫المشاه وغير ذلك‪ ،‬وتحركت‬
 ‫‪ ،1831‬وحرب الشام الثانية‬                                   ‫في يوليه ‪ ،1824‬وخاضت ما‬
  ‫في يونيه ‪ .1839‬ونحن هنا‬                                     ‫ُسمي بمعارك شبه جزيرة‬
   ‫في مجال التعرض لحروب‬                                       ‫المورة باليونان‪ ،‬من ‪1825‬‬
      ‫قام بها محمد علي ضد‬                                    ‫حتى كانت واقعة نقارين في‬
    ‫السلطان العثماني نفسه‪،‬‬
‫وهنا يثور السؤال‪ :‬عن كيف‬                                                 ‫أكتوبر ‪.1827‬‬
 ‫يتأتى أن تكون الحرب ضد‬                                       ‫لقد توحدت القوى الغربية‬
 ‫السلطان هي في إطار الدولة‬                                  ‫الأوروبية إنجليزية وفرنسية‬
                                                               ‫وروسية‪ ،‬ضد الأسطولين‬
                  ‫العثمانية‪.‬‬                                  ‫المصري والتركي‪ ،‬ونسفت‬
      ‫إن كثي ًرا من المؤرخين‬                                ‫أغلب السفن الحربية التركية‬
 ‫تراوحت تحليلاتهم في ذلك‪،‬‬                                       ‫المصرية‪ .‬وانتهت المعركة‬
   ‫فمنهم قائل إن محمد علي‬
‫كان يقصد الاستقلال بمصر‬                                          ‫بهزيمة قضت على القوة‬
‫مع التوسع الإمبراطوري لها‬                                   ‫البحرية لمحمد علي التي كانت‬
  ‫جنو ًبا في السودان وشما ًل‬
   ‫في بلاد الشام‪ ،‬وغلب على‬                                       ‫آلت إلى أن تكون مهددة‬
     ‫هؤلاء الصدور عن فكر‬                                      ‫للهيمنة البريطانية‪ ،‬بخاصة‬
  ‫الجماعة السياسية المصرية‬
     ‫التي تبلورت في بدايات‬                                      ‫في حوض البحر الأبيض‬
   ‫القرن العشرين من خلال‬                                    ‫المتوسط‪ ،‬أو بالأقل في القسم‬

                                                                 ‫الشرقي منه‪ ،‬وبمراعاة‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247