Page 147 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 147

‫‪145‬‬                 ‫تجديد الخطاب‬

‫محمد مصطفى المراغي‬  ‫عبد المتعال الصعيدي‬  ‫الشيخ محمد عبده‬                          ‫القراءة الدقيقة لسياقات الواقع‬
                                                                                 ‫وقوانينه‪ ،‬وكثي ًرا ما يقع ذلك في‬
 ‫فيها القطع أو الغرم أو الحبس على‬        ‫الكهنوتية‪ ،‬وعقدت له محكمة تفتيش‬
‫التخيير وليس القطع وحده‪ ،‬ويجوز‬           ‫كادت تلحق مصيره بمصير الشيخ‬               ‫المشروعات الإصلاحية أي ًضا‪.‬‬
 ‫لولي الأمر (المشرع) ألا يصل إليها‬                                             ‫ومن هذا المنظور أقدم قراءة نقدية‬
                                            ‫«علي عبد الرازق» الذي جرد من‬        ‫موجزة في كتاب يحتاج إلى تكرار‬
  ‫وأن يختار التخفيف على التشديد‪.‬‬         ‫شهادته وكل وظائفه ورواتبه‪ ،‬لولا‬      ‫القراءة وتدقيق النقد لمحتواه الهام‪،‬‬
      ‫وهو ما تصدى لمناظرته تيار‬          ‫أن تصدى لحمايته الشيخ «المراغي»‬
                                                                                  ‫صدر مؤخ ًرا عن الهيئة العامة‬
   ‫الجمود الديني بكل قوته‪ ،‬وصار‬               ‫وهو من تلامذة الإمام «محمد‬          ‫لقصور الثقافة للمفكر وأستاذ‬
   ‫الشيخ عبد المتعال بسببه عرضة‬            ‫عبده» وكان شي ًخا للأزهر وقتها‪،‬‬      ‫الفلسفة الإسلامية د‪.‬أحمد سالم‪،‬‬
‫لكل اتهام من التلاعب بشرع الله إلى‬       ‫وقلة أخرى من المشايخ لكنهم كانوا‬      ‫عن مجدد مستنير هو الشيخ «عبد‬
  ‫محاولة هدم الإسلام‪ ،‬وصو ًل إلى‬           ‫مؤثرين ‪-‬كما يقول «الصعيدي»‪-‬‬        ‫المتعال الصعيدي»‪ ،‬والكتاب بعنوان‬
 ‫الضغط على شيخ الأزهر «المراغي»‬            ‫مثل الشيخ «شلتوت» الذي صار‬            ‫«العمامة المستنيرة‪ :‬تجديد الفكر‬
  ‫لتشكيل لجنة للتحقيق معه! ولولا‬                                               ‫الديني عند عبد المتعال الصعيدي»‪.‬‬
 ‫انقسام الآراء في اللجنة لطبقت على‬             ‫أي ًضا شي ًخا للأزهر بعد ذلك‪.‬‬
‫الشيخ العقوبة الأقصى (أي التكفير‬           ‫تعود الواقعة إلى سنة ‪ ١٩٣٧‬حين‬        ‫من هو «الصعيدي»؟‬
 ‫والاستتابة!) لكنها حكمت بنقله إلى‬
  ‫معهد طنطا‪ ،‬وحرمانه من الترقية‬              ‫صدر للشيخ الصعيدي رسالته‬            ‫المعروف لا ُيعرف‪ ،‬لكن لاتصال‬
                                            ‫بعنوان «في الحدود الإسلامية»‪،‬‬       ‫التعريف بالموضوع ونقده أقدمه‬
     ‫خمس سنوات‪ ،‬وهو أقل ضرر‬                                                      ‫بإيجاز‪« :‬عبد المتعال الصعيدي»‬
                         ‫ممكن!‬                ‫رأى فيها أن العقوبات البدنية‬      ‫شيخ أزهري ومجدد إسلامي من‬
                                          ‫القاسية مثل قطع الأطراف والجلد‬       ‫تلامذة الإمام «محمد عبده» الذين‬
‫من هنا قد يلاحظ القارئ أن الكتاب‬                                                 ‫استكملوا خطه التجديدي إلى ما‬
    ‫لا يطرح أدلة «الصعيدي» وأدلة‬               ‫والرجم هي في الشرع للندب‬
     ‫خصومه التفصيلية بخصوص‬                   ‫أو الإباحة لا للوجوب‪ ،‬أي أنها‬         ‫بعد منتصف القرن العشرين‪،‬‬
   ‫الخلاف بين الندب والوجوب في‬            ‫حدود قصوى ليست مفروضة في‬            ‫صاحب فتاوى مهمة كثيرة بعضها‬
                                             ‫كل حالات الجرائم التي شرعت‬
                                              ‫لعقوبتها‪ ،‬فالسرقة مث ًل شرع‬         ‫أثار انفعال الجامدين بشراسة‬
                                                                                ‫ضده‪ ،‬مثل فتواه عن جواز تمثيل‬

                                                                                  ‫الأنبياء في الدراما وعدم إخلال‬
                                                                                 ‫ذلك بقداستهم‪ ،‬وهي فتوى ذات‬
                                                                               ‫صلة بفتوى جواز فنون التصوير‬

                                                                                   ‫والنحت للإمام «محمد عبده»‪،‬‬
                                                                              ‫وفتوى إطلاق الحرية للرجل والمرأة‬

                                                                                 ‫في أمر الحجاب يجريان فيه على‬
                                                                               ‫ما تقتضي المصلحة‪ ،‬وفتوى جواز‬

                                                                                   ‫تقييد تعدد الزوجات لما له من‬
                                                                               ‫مفاسد وشرور اجتماعية‪ ،‬وفتوى‬
                                                                              ‫وجوب وقوع الطلاق كتابيًّا كما يتم‬
                                                                              ‫عقد النكاح حف ًظا للحقوق‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
                                                                               ‫وعندما وصل الشيخ باجتهاده إلى‬
                                                                              ‫تجديد النظر في فقه الحدود‪ ،‬ارتطم‬
                                                                               ‫بجدار الجمود الأزهري وشراسته‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152