Page 148 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 148

‫العـدد ‪33‬‬                                 ‫‪146‬‬

                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫(يستخدم لهما الكتاب مصطلحي‪:‬‬          ‫من المجددين الإسلاميين‪ ،‬ودون‬           ‫حدود البتر والقطع والتعذيب‬
‫الإسلاميين والعلمانيين)‪ ،‬على جانب‬     ‫أن يؤدي في المحصلة إلى إضعاف‬           ‫البدني‪ ،‬وهي أحكام شرعية بما‬
                                                                         ‫تنطوي عليه من قسوة بدنية‪ ،‬كذلك‬
  ‫الجمود لا يضمن أنصاره أن يتم‬           ‫موقف التجديد في الواقع‪ ،‬لأنه‬         ‫لا يحدثنا إن كان ورد على بال‬
‫تفعيل قاعدة الملاءمة العملية (الندب‬   ‫من الواضح أن التجديد حادث في‬           ‫«الصعيدي» تساؤل بخصوص‬
  ‫وليس الوجوب) بخصوص أحكام‬                                                ‫دلالة الصيغ العمومية الملزمة التي‬
 ‫دينية أخرى‪ ،‬في باب العبادات مثل‬         ‫الواقع بقوة المتغير الاجتماعي‪،‬‬
                                     ‫وليس بفضل ملاحقة الإصلاحيين‬              ‫نزلت بها تلك الأحكام بفرض‬
  ‫الصلاة والصوم والزكاة والحج‪،‬‬        ‫له أو عقابهم بسببه او بمحاولتهم‬    ‫ملاءمتها لزمان ومكان معينين‪ ،‬مع‬
   ‫وعلى جانب المحدثين لا يضمنون‬
                                                       ‫التوصل إليه‪.‬‬         ‫أن عمومية هذه الصيغ من جهة‬
    ‫بدورهم أن تغير قاعدة الملاءمة‬                                        ‫أخرى كانت أسا ًسا لوقوع المسلمين‬
   ‫بوصلتها التكيفية الإصلاحية في‬       ‫التلفيقية الإصلاحية‬                ‫في الخلاف بشأن تطبيقها‪ ،‬وصو ًل‬
 ‫وقت ما لتعود إلى التلويح بوجوب‬
  ‫تطبيق الحدود‪ ،‬ولا تملك المحاولة‬           ‫جوهر التلفيقية الإصلاحية‬        ‫إلى السعودية التي أوقفت العمل‬
                                       ‫يكمن في مقولة المأثور الشعري‪:‬‬         ‫بها في رمضان ‪ ٢٠٢٠‬بالفعل‪.‬‬
      ‫الإصلاحية التوسطية في هذه‬       ‫«تفسير الماء بالماء»‪ ،‬وهو ما يعني‬      ‫ومن غياب الأسئلة التي يبرهن‬
‫الحالة بإزاء شكوك الطرفين حج ًجا‬      ‫الافتقار للأصالة النظرية من جهة‬      ‫غيابها على اقتصار الإصلاح عند‬
 ‫مقنعة‪ ،‬بسبب غياب الرؤية النظرية‬      ‫منهجية‪ ،‬فكأن الشيخ «عبد المتعال‬         ‫«الصعيدي» على منحاه العملي‬
                                     ‫الصعيدي» يقول لنا ‪-‬كما رأينا في‬        ‫الاجتهادي الإفتائي‪ ،‬وهو نزوع‬
      ‫المؤسسة والمنطلقات المنهجية‬      ‫نموذج الحدود‪ -‬أن توقف العمل‬
   ‫الراسخة على الوجهين‪ ،‬فالمنطلق‬                                               ‫يتوخى فض النزاع والتكيف‬
   ‫هو التكيف‪ ،‬والهدف نزع أسباب‬           ‫بالحدود والنزاع حولها‪ ،‬وهو‬          ‫مع المتغيرات‪ ،‬ويفتقر إلى نظرة‬
    ‫الخصومة‪ .‬ولسبب ثالث فرعي‬             ‫يعود إلى ما قبل عصر «محمد‬         ‫فلسفية ومنهجية تأسيسية يؤدي‬
 ‫وإن كان حاس ًما هو ركون المنطلق‬     ‫الفاتح»‪ ،‬سببه عدم الملاءمة للزمان‬      ‫غيابها دائ ًما إلى إضعاف الموقف‬
‫الإصلاحي إلى استخدام نفس سلاح‬        ‫والمكان والعصر‪ ،‬و‪ ..‬نقطة في نهاية‬     ‫الإصلاحي‪ ،‬ويؤدي حضورها إلى‬
‫السلطة الدينية‪ ،‬وهو سلاح «الفتوى‬      ‫السطر! الأمر الذي يثير إشكاليات‬       ‫نفيه كما حدث مع د‪.‬محمد أحمد‬
     ‫الشرعية» التي لا تزال بشكلها‬        ‫لدى الطرفين المطلوب التوسط‬      ‫خلف الله ود‪.‬نصر أبو زيد وغيرهما‬
  ‫التقليدي علامة بارزة على حضور‬       ‫بينهما وهما الجامدين والحداثيين‬
‫وتجذر نزعة الكهنوت الإسلامي في‬
                                     ‫محمود شلتوت شيخ الأزهر مع جمال عبد الناصر‬
                ‫المؤسسة الفقهية‪.‬‬
 ‫على هذا النحو البارز يرصد الكتاب‬

  ‫«تناقضات إصلاحية» عديدة تقع‬
     ‫فيها آراء وفتاوى الشيخ «عبد‬
     ‫المتعال الصعيدي» كموقفه من‬
    ‫الكهنوت الإسلامي ومن تلازم‬
        ‫وانفصال السلطتين الدينية‬

  ‫والسياسية في التاريخ الإسلامي‪،‬‬
       ‫ومن نماذج تلك المتناقضات‬
       ‫الإصلاحية التي لا تلتئم بما‬

 ‫يشوبها من تشويش ضبابي سواء‬
   ‫على المستوى النظري المنهجي أو‬
   ‫العملي المقاصدي‪ ،‬أختار نموذ ًجا‬
  ‫هو نموذج تجديد «الصعيدي» في‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153