Page 145 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 145
143 تجديد الخطاب
شبه دولة -مفترض أن يقتصر الدينية الرجعية ومنها تلك التي الأمر على المناهج الدينية .وقد
تدريس الدين -إن كان -في تجعل الإسلام وطنًا يجمعنا كلنا يذكر الذين ينتمون كمؤلف
التعليم الأساسي على حصة الدين، حتى بلاد وسط آسيا الموطن هذا الكتاب لأجيال السبعينيات
ومنهج الدين ،وأن تخلو باقي الأصلي للأتراك ومنهم مماليك والثمانينات المناهج المدرسية
مثل محمود أي قطز وجهاد .وكان التي كانت مقررة وجميعها
المناهج من المواد الدينية خل ًوا تا ًما. كتاب «الصديق أبو بكر» لمحمد
ولأننا في حالة رجعية متطرفة حسين هيكل مقر ًرا في الثانوية يرسخ المفاهيم الدينية الرجعية،
العامة ،كذلك كتابه «حياة محمد»، بعضها قدم بافتراض أنها أدبية
وانتهازية تزعم الاعتدال ،فلا بد وهذا أو ذاك تم استبداله فيما بعد وتاريخية ،وتم استبدالها بكتب
من موقف حاسم ضد أي شكل بكتاب طه حسين «الشيخان» الذي
يقدم أبا بكر الصديق وعمر بن على المنوال نفسه لدى الأجيال
من تواجد الدين خارج حصة الخطاب بالرؤية الدينية الرجعية. التالية والحالية مثل سيرة عقبة
الدين؛ لأن أي تهاون هو بمثابة والحاصل حاليًا أن الاستلاب
ثغرة تنفذ منها الرجعية وتضيف الديني للخطاب التعليمي أشد عما بن نافع.
كان منذ عقود ،وسيظل في تزايد ومث ًل كان هناك درس في كتاب
إليها بلا هوادة. ما دام مترو ًكا في أيدي أتباع
وقد تصدينا بهذا الفصل لتغول العقل الرجعي ،وما دام اهتمام القراءة بأحد صفوف المرحلة
المواد الدينية على مناهج الدراسة المنشغلين بتطوير التعليم مقتص ًرا الابتدائية ،لعله كان بعنوان «البطل
واستلاب الخطاب الديني الرجعي على شكليات مثل الامتحان الورقي
للخطاب التعليمي دون تعرض أو الالكتروني .وهناك اختلافات الشجاع» ،يتناول نوم علي بن
لمناهج الدين المدرسية ،إن كان لها في مواقف الدول المتحضرة من أبي طالب بفراش الرسول ليلة
أن تظل ولو لمرحلة مؤقتة ،وتلك تدريس الدين أسا ًسا في التعليم الهجرة ،ودرسنا كتا ًبا عن أبي
الأساسي حسب ظروف كل دولة. ذر الغفاري «كان مقد ًما كثورجي
المناهج تحتاج وقفة منفصلة، لكن عمو ًما في دولة حديثة -لا
وتحتاج لإصلاح يرتبط بما يساري» ،وآخر عن عمر بن
الخطاب «كان مقد ًما كمستبد
تحتاجه مصر من ثورة ثقافية، عادل» ،وأما رواية «واإسلاماه»
عقلية ومعرفية ،شاملة لعلي أحمد باكثير ،فقد تحولت إلى
فيلم سينمائي بالصياغة ذاتها
التي درسناها زاخرة بالمفاهيم
الهوامش:
-1نكوص مؤسسات بناء العقل الرسمية عن مقاومة الرجعية يدعم الرجعية ،حتى في أبسط التفاصيل؛ مث ًل تتجاهل وزارة
التربية والتعليم منع النقاب في المدارس ،كما منعته جامعة القاهرة بين أعضاء هيئة التدريس بمبادرة من رئيسها الذي
انتهت ولايته ،فانتهي الأمر؛ لأن المسألة مبادرة فردية .ومنع المنقبات عن التدريس لأطفال المدارس وهم في مرحلة تشكيل
العقل أولى من منعهن عن طلبة الجامعة ،واعتياده داخل منظومة التعليم ،يسهم في إعادة إنتاج المفاهيم المرتبطة ،خاصة مع
تصور القيم التي يمكن لمعلمة منقبة تقديمها للأطفال فع ًل وقو ًل ،وتكام ًل مع فعل المناهج الرجعي في تشكيل العقول.
-2الأمر ممتد للنوادي والجمعيات الأهلية ،ولا تقيم تلك المؤسسات -ولا ينبغي لها أن تقيم -مسابقات دينية للمسيحيين
وغيرهم من ذوي الديانات الأخرى ،ليس بهذا تكون العدالة والمساواة.
-3من السمات العامة للرجعية الدينية قدرتها على امتصاص محاولات الإصلاح ،واستغلالها لتكون المحصلة النهائية مزيد
من الهيمنة والتمكين.
-4في الدستور إشارة لذلك تشمل التخديم على الفصحى ،اللغة الرجعية الفصحى.
-5نسبة الحضارة للدين اختراع رجعي لا يستقيم في الدراسات التاريخية والإنسانية .راجع مقالنا على صفحات هذه
المجلة العدد التاسع عشر -يوليو 2020عن موقف العقل الرجعي من الغرب.
-6كتاب الفصل الدراسي الثاني متطابق من كل وجهة مع كتاب الفصل الدراسي الأول ،كذلك مقررات باقي الفصول
الدراسية