Page 143 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 143

‫‪141‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

   ‫في المعلومة‪ ،‬وأن المعرفة ممكنة‬    ‫عكسيًّا مع درجة تمكن الرجعية‬       ‫دراسات تاريخية‪ ،‬دار العلوم‪،‬‬
  ‫بؤيئي‪ ،‬بل هي معرفة يقينية‪ ،‬لا‬    ‫من نفسه‪ ،‬فمصرية عموم خريجي‬          ‫فلفسة إسلامية‪ ،‬أدب «عربي»‪..‬‬
‫يتطرق إليها شك‪ ،‬وغير قابلة للنقد‬                                     ‫إلخ‪ .‬وجميعها تحت هيمنة أكاذيب‬
                                     ‫التعليم الرسمي أقل من غيرهم‪،‬‬    ‫السردية الدينية بمكونها الخرافي‪،‬‬
    ‫والمساءلة‪ .‬وهذا له انعكاسات‬    ‫ولاؤهم وانتماؤهم مستلب رجعيًّا‪،‬‬      ‫منطقها غالبًا دعوي غير علمي‬
       ‫وتطبيقات بلا حصر؛ مث ًل‬                                        ‫كالأزهر نفسه‪ ،‬وليس لدينا مثل‬
                                     ‫ولديهم القدرة على التبجح بذلك‬
 ‫سهولة إنتاج وترويج واستهلاك‬           ‫لدرجة القول‪« :‬طظ في مصر»‪.‬‬         ‫ولا نصف ولا عشر ذلك من‬
    ‫الشائعات مهما كانت غاية في‬                                       ‫اهتمام بمكونات التاريخ المصري‬
              ‫الهشاشة المنطقية‪.‬‬          ‫ولا تقتصر خطورة التواجد‬
                                        ‫الكثيف للنصوص الدينية في‬           ‫وخاصة الحضارة المصرية‬
   ‫ومث ًل؛ ماذا يتسرب ويرسخ في‬            ‫مناهج التعليم على المحتوى‬     ‫القديمة‪ ،‬بينما في معظم المراكز‬
  ‫ذهن الطالب الذي يتلقى ويتلقن‬      ‫المباشر مثل تكرار ألفاظ ومعاني‬      ‫الجامعية المختصة بالدراسات‬
                                     ‫القتل والغزو مما يؤسس للعنف‬        ‫الإنسانية بالعالم المتحضر علم‬
      ‫تلك النصوص الدينية (قال‬            ‫كوسيلة تفاهم أساسية بين‬      ‫يحظى بالاهتمام والتقدير اسمه‬
     ‫وقلنا يقول قو ًل‪ ..‬عن ماضي‬         ‫الأفراد والجماعات البشرية‪،‬‬    ‫المصريات ‪ ،Egyptology‬يختص‬
   ‫شبه جزيرة العرب جل جلاله‪،‬‬
‫وصلى الله عليه وسلم)‪ ،‬باعتبارها‬           ‫الخطر الأكبر فيما يتم بثه‬       ‫بالحضارة المصرية القديمة‪.‬‬
     ‫هي الأساس‪ ،‬هي الثابت بكل‬       ‫وترسيخه من مفاهيم بشكل غير‬              ‫ومن يهون من أثر المناهج‬
   ‫فصل دراسي‪ ،‬في كل سنة‪ ،‬هي‬
   ‫الحفظ والباقي شكليات‪ ،‬ولا بد‬         ‫مباشر‪ .‬مث ًل تقديم الأحاديث‬  ‫التعليمية المستلبة رجعيًّا في مصر‬
   ‫أن يأتي منها السؤال الإجباري‬        ‫«الشريفة»‪ ،‬قال فلان حدثنا‪..‬‬   ‫مخطئ أو ساذج أو متواطئ‪ ،‬إنها‬
     ‫في الامتحانات بكل سنة وكل‬                                       ‫الأساس المعرفي لجموع الرجعيين‬
   ‫فصل دراسي؟! ومث ًل ما الذي‬            ‫وقال فلان عن فلان‪ ..‬يؤكد‬    ‫الدأنجية بشهادات جامعية‪ ،‬معظم‬
                                     ‫نظرية فاسدة في المعرفة مؤداها‬    ‫خريجي الجامعة لا يقرأون غير‬
                                    ‫أن الثقة في الشخص أساس الثقة‬
                                                                       ‫كتب الدراسة‪ .‬بل يتفوق الأكثر‬
                                                                       ‫قدرة على الحفظ بصرف النظر‬
                                                                        ‫عن أن يكون ذا عقل نقدي من‬
                                                                         ‫عدمه‪ .‬حتى الفاشلين دراسيًّا‬
                                                                      ‫تتشرب نفوسهم المفاهيم الدينية‬
                                                                         ‫الرجعية‪ .‬ولهذا درجة التشدد‬
                                                                        ‫الديني حتى الإرهاب أكبر ‪-‬في‬

                                                                         ‫العموم‪ -‬عند الفرد مع زيادة‬
                                                                      ‫مستواه في التعليم الرسمي‪ .‬ولا‬
                                                                     ‫تجد عند غير المتعلمين عامة شدة‬
                                                                       ‫التبجح الديني ‪-‬فك ًرا وسلو ًكا‪-‬‬
                                                                        ‫عند «المتعلمين بتوع المدارس»‪،‬‬
                                                                     ‫هناك تناسب طردي بين مستوى‬

                                                                        ‫التعليم الرسمي وهذا التبجح‪،‬‬
                                                                         ‫إنهم يتبجحون بالرجعية بما‬
                                                                         ‫يحملون من شهادات معظمها‬
                                                                      ‫جامعية ومنها دكتوراهات‪ .‬وبما‬
                                                                          ‫أن مصرية المصري تتناسب‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148