Page 17 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 17

‫لم يضق الماغوط بالشعر‪ ،‬لكنه لم‬

‫يكتف به فكتب المسرحية والرواية‬

‫والمقالة‪ ،‬وكتب الخاطرة ومسلسلات‬

‫التليفزيون وسيناريو الأفلام‪ ،‬ورأس‬

‫تحرير مجلة الشرطة‪ ،‬وانضم إلى جماعة‬

‫مجلة شعر بلبنان‪ ،‬وتعرف إلى الشعراء‬

‫الكبار كبدر شاكر السياب‪ ،‬وأدونيس‪،‬‬

‫وط َّور مجلة "تشرين" وساعد على انتشار‬

‫مجلة "المستقبل"‪ ،‬وأسس مع "يوسف‬                       ‫محمد الماغوط‬
       ‫عيدابي" جريدة الخليج الإمارتية‬
                                                     ‫أما ما أشرنا إليه من تضارب صوره‬

                                                     ‫الشعرية‪ ،‬فيتعلق بالشخصية الماغوطية‬

                                                     ‫بؤرة لتفجير الصراعات الداخلية في‬

‫ترحل دونما عودة في البرارى القاحلة(‪)49‬‬               ‫بنية القصيدة «من خلال زحزحة الرؤيا بمنطوق‬

‫والهجرة والرحيل تيمة في الديوان‪ ،‬يقول من قصيدة‬       ‫عبثي يجمع بين العادي‪ /‬والشعري‪ ،‬والحسي‪/‬‬

‫الشتاء الضائع‪:‬‬                                       ‫والمجرد‪ ،‬والمؤتلف والمختلف‪ ،‬والمنطق‪ /‬والهذيان‪..‬‬

‫بيتنا الذي كان يقطن على صفحة النهر‬                   ‫والعبث والإدراك»‪ .‬وتتشكل الرؤيا الماغوطية من‬

‫ومن سقفه المتداعي‬                                    ‫مشهديات متراكمة‪ ،‬و»أحداث متضاربة‪ ،‬ومواقف‬

‫يخطر الأصيل والزنبق الأحمر‬                           ‫متصادمة‪ ،‬ومشهديات رؤيوية متباعدة‪ ،‬وحمولات‬

‫هجر ُته يا ليلى‬                                      ‫دلالية مكثفة رغم اعتماده الإيقاع السردي الساذج‬

‫وتركت طفولتي القصيرة‬                                 ‫البسيط في بعض الأحيان(‪.)48‬‬

‫تذبل في الطرقات الخاوية‬                              ‫والبعد السياسي في شعر الماغوط‪ ،‬وارتباطه‬

‫كسحابة من الورد والغبار‬                              ‫بأيديولوجية فكرية يسارية جعلت شعره راف ًضا‬

‫غ ًدا يتساقط الشتاء في قلبي(‪)50‬‬                      ‫للوضع العربي الراهن في حسرة ومرارة‪ .‬وهذا‬

‫وكلما تراءت «ليلى» في المشهد الشعرى للماغوط‬          ‫راجع إلى تطلعه إلى الحرية‪ ،‬والأمل في إنصاف‬

‫هاجت الذكرى‪ ،‬وباح الشاعر بمكنون مأساته‪،‬‬              ‫المقهورين‪ ،‬والمساواة‪ ،‬إلى غير ذلك مما رآه متس ًقا‬

‫وفيض مشاعره الحزينة‪ .‬يرفدها معجم شعرى‬                ‫مع مواقفه السياسية‪ ،‬في سعيها إلى إصلاح‬

‫حافل بالدلالة على مواقفه من الحياة والكون في رؤية‬    ‫المجتمع سياسيًّا‪ ،‬ورخائه اقتصاد ًّيا‪ ،‬مما تشكل‬

‫فلسفية عميقة‪ .‬ومن المفردات السائدة في شعره‪،‬‬          ‫معه العالم الشعري لمحمد الماغوط‪ ،‬في رمز لأبعاده‬
‫السفينة‪ ،‬الموت‪ ،‬ال ِح ْبر‪ ،‬البؤس‪ ،‬والغروب‪ ،‬والزوارق‬
                               ‫والمساء‪ ،‬والبحر‪.‬‬      ‫السياسية الرافضة‪ ،‬في سخرية مريرة‪ ،‬خاصة في‬
                                                     ‫مسرحه السياسي ومناجاته للوطن‪ ،‬فيما عرضنا‬

‫يقول من قصيدة «رجل على الرصيف»‪:‬‬                      ‫له‪ ،‬مثال على تلك الروح الثورية التي سكنته حز ًنا‬

‫عندما أرنو إلى عينيك الجميلتين‬                       ‫على الأوضاع المتردية للوطن‪ ،‬كالإحساس بالفراغ‬

‫أحلم بالغروب بين الجبال‬                              ‫والخمود الذي يجتاح الوطن في قوله‪:‬‬

‫والزوارق الراحلة عند المساء(‪)51‬‬                      ‫الأفران مطفأة في آسيا‬

‫ومن مفرداته‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬المطر‪ ،‬والحب‪ ،‬والغابات‪،‬‬         ‫والطيور الجميلة البيضاء‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22