Page 56 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 56
العـدد 33 54
سبتمبر ٢٠٢1
والوجدانية من سمات الفن المعاصرة ،ويضيف وهكذا ظهرت مذاهب فنية جديدة ومتطورة انحرفت
إليها النزعة التعبيرية التي تعبر عن فردانية المبدع في قوانينها الإبداعية عن فنون القرن السابع عشر
وذاتيته الشخصانية ،كما أن هناك النزعة التكعيبية التقليدية لتكون مذاهب انبعاثية جديدة ،فيها الشكل
التي تطمس المنظور التقليدي بأوجه مغايرة وزوايا هو ميدان الاشتغال بالرفض والتحديث لا في عالم
المرئيات والمسموعات؛ بل في عالم السرديات.
مختلفة(.)14 وعن تجديد الكلاسيكية وأهم دعاتها والرومانتيكية
ولعل النزوع الأكاديمي نحو التمدرس للمسرح ورفضها العقلانية ومبالغتها في نزعتها الحداثية
هو الغالب على الدكتور عقيل مهدي ،والسبب أنه بالانفعالات والمواقف الدراماتيكية؛ فإن التمثيل
وجد فيه تحولات تجتمع عبره كل الفنون السمعية عليها كان من فن السرد الذي يهتم بالمحمولات
والبصرية والزمانية والمكانية الأيقونية والرمزية الحكائية التراثية كألف ليلة وليلة ومصباح علاء
والإشارية ،يقول“ :يجتمع المكان والزمان وهما الدين وفرسان المائدة المستديرة والفرسان الثلاثة
يتحولان أمام عيون الصالة لأن العرض المسرحي وروبن هود.
يقوم على تفاعل الكتل الخاصة بالمنظر والأدوات وو َّضح كيف راهنت الرومانسية على معادلة قبح
الإكسسوارات والممثلين والإضاءة وطراز الأثاث الشكل وجمال الروح أمام التجديد في المذهب
وتفصيلات الأزياء وطبيعة معمار المسرح وفضاء الانطباعي ،ومثّل على ذلك بلوحة الرسام ديلاكروا
الخشبة ..وسوى ذلك من فضاءات مفتوحة”(.)15 (الحربة تقود الشعوب) وطبيعة احتفائها باللون
ولم يقتصر اهتمام د.عقيل مهدي على مسرح الكبار والضوء(.)12
فقط ،وإنما اهتم أي ًضا بالمسرح المدرسي وذلك في أما الرمزية؛ فإن أهم أسرار نموها ،هو تعمقها في
كتابه (التربية المسرحية في المدارس) فتتبع جذوره الإيحاء في الفنون الدرامية والتشكيلية والسمعية
التاريخية بد ًءا من اليونان ومرو ًرا بالدراما في القرن كما في مسرحية موريس ماترلنك في داخل البيت،
الثامن عشر وانتهاء بالعصر الحديث ،متناو ًل الإطار وتعبيره عن فكرة الموت برموز موحية ،وكذلك
المنهجي كمنظور والرؤية الفنية لمسرح الطفل في مسرحية العميان ،في حين حاول المذهب التجريدي
حدود السن ما قبل الدراسة الابتدائية ،عادا ذلك تغيير التركيب الفني راف ًضا حسية الأشياء
بمثابة النقطة المتحركة في الفضاء التي سترافق ومألوفيتها ،محاو ًل إعطاءها هندسية تصميمية
الطفل في مراحله اللاحقة والجانب الجمالي عنده وبنائية إنشائية عديدة.
سيتوثق محق ًقا الهدف التعليمي وبانيًا شخصيته. أما السريالية فكانت أكثر المذاهب اهتما ًما بالشكل
ولقد أكد د.عقيل أهمية التقنيات في إنجاز الفعل وانبها ًرا كما في أعمال سلفادور دالي والمخرج
الفني في مسرح الطفل من ناحية تصميم الأداة بونويل ،لكن المؤلف لم يقف عند التعبيرية
كالقفاز والدمية والصندوق المحمول بحمالات والتكعيبية والمستقبلية بوصفها مدارس وإنما ع َّدها
ومسرح الطاولة أو الجدران ،و”يكفي أن يقوم مجرد نزعات.
المخرج الذي يعمد إلى تقديم فعالية فنية ممسرحة وعلى الرغم من أن وقوف المؤلف عند هذه المذاهب
بالتقاط مفردة من عالمهم الطفولي ،ولا يشترط في كان مسهبًا؛ إلا إن تناوله للواقعية لم يكن شام ًل
ذلك أن تكون دمية مث ًل ،بل يكفي أن تقوم الكرة لكل صورها ،وإنما اقتصر فيها على واقعية المسرح
أو القدح أو المنديل أو الملعقة”( )16ووجد تقار ًبا بين الملحمي لبرخت التي “انقلبت على الإيهامية الواقعية
مسرح الطفل والمسرح المدرسي ،وأن شروطه تشبه وأرادت ألا تكتفي بتغيير العالم؛ بل تغييره حسب
شروط مسرح الكبار من ناحية تنظيم البرنامج منطلقات الفلسفة الماركسية الموظفة في الفنون”(،)13
المسرحي واعتماد البناء الفني الدرامي ،مع ملاحظة وربط ذلك بأثر التغريب الذي به يحرض برخت
أن مسرح الطفل من تقنياته دمى القفاز والدمى متفرجه لتغيير الواقع الاجتماعي.
الخيطية أو ستارة خيال الظل وإشراك المتفرج وهو يوافق هربرت ريد في كون التفكيرية
الصغير بالفعل الفني ،محد ًدا خصائص اختيار