Page 55 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 55
53 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
والقناع والمكاني والمرئي ويقف عند ما يسميه انبعثت من بين رماد الحرب الأهلية الإسبانية.
(استيهامات القناع) بمعنى “أن القناع يخلق وقد وقف المؤلف شار ًحا ما في هذه اللوحة من
الاستيهام في ترجمته لتصور معين يخرق من جسمانيات وأشكال هرمية ووجوه وأيد وألوان
خلاله النظام والأيديولوجية المكرسة”( ،)7وهذا ما حداد كانت نتيجة لقوة المخيلة والتلاعب بكثافة
كان يفعله اليونانيون القدامى في جورجو وارتميس
وديونسيوس وتولدت عن ذلك أي ًضا ظاهرة القناع اللون وتوظيف النفايات في الفن(.)5
في المسرحية الاحتفالية شبكساميا ،وهو مجموعة ثم كان في تاريخ الفن انعطاف ثان تمثل في التمرد
من الرقصات الطقوسية يحقق فيها القناع في على الحداثة نفسها ،فظهرت تيارات معدية للتكعيبية
العرض الكوميدي وحدة الجسد وانفراطه م ًعا
والتجريدية مثل البوب البسيط التقنية والواقعية
للتعبير عن جوهر الكائن(.)8 الدقيقة الشبيه بالفوتوغراف والفنون البصرية
والنزوع الثاني الذي اتسم به التمدرس المنهجي
عند الدكتور عقيل مهدي هو النزوع الفلسفي المتأثر كالسينما والتليفزيون والإعلانات والرسوم
بالنقد الأرسطي والمعتد بنظرية المحاكاة والتطهير. المتحركة(.)6
ولهذا مال في كتابه (أقنعة الحداثة) إلى الفنون أما الرسم الذي يستقي منه أغلب أمثلته فانه تعامل
المحاكاتية القائمة على المضاهاة والاحتذاء للواقع مع تضاريس السطوح والجمع بين الفني والعلمي
الحياتي سواء في الفنون التشكيلية أو في الفنون مثل نظرية بلانك الكمية وتمازجها بنظرية فرويد
النفسية ونظرية اينشتاين ودمجها بنظرية الرياضة
الفوتوغرافية أو الأيقونية أو في الفنون المكانية لمينكوفسكي والمتعلقة بالفراغ والزمن ،والبغية جعل
كالمعمار والنحت والفنون الزمانية كالموسيقى
ما هو غير مرئي مرئيًّا.
والغناء وإيقاعات الشعر(.)9 وقد ظهرت أساليب جديدة في ميدان رسم اللوحة،
وبسبب هذا النزوع غدت وظيفة الفن عنده وظيفة كما حصل بينها صراع فنتج أسلوب تراسل الفنون
تربوية تقترب من الفهم الأرسطي للفن على المتحرر من المحاكاة في الفنون.
أساس أن للفن موق ًفا من الحياة والمجتمع يقدس ولا يتوانى د.عقيل من طرق العلاقة ما بين
التاريخي واليومي من نواح مختلفة كالجسد
قيم الجمال وينبذ كل ما هو سلبي “فالجوانب
الظلامية والصفراء الباهتة من الحياة مرفوضة الجرنيكا
من قبل الضمائر الحية من الفنانين المبرزين وكبار
المبدعين في شتى الفنون وهم يثبتون أقنعة متخيلة
جديدة”(.)10
وعنده وظيفة الفن ليست جمالية تربوية فحسب؛ بل
هي أي ًضا وظيفة أيديولوجية تحرض وتكافح وتعزز
التقدم الإنساني وهذا هو موقف الفنان الذي عليه
أن يكون تقدميًّا حتى بالتفاته إلى الماضي(.)11
ولكي يق ِّرب المؤلف للقارئ هذا المعطى الوظائفي
للفن؛ فانه يتخذ من فن الرسم ميدا ًنا للتطبيق ،مبينًا
رفض هذا الفن الأقنعة التقليدية للفنون ،كأن يعطي
الفنان للرأس حج ًما جدي ًدا أو يحتفي بحذاء فلاحه
كما فعل فان كوخ .وأمثلته هذه تقوده نحو شكلانية
اللوحة من ناحية تشكيل الوحدات البصرية كإقصاء
الألوان واستبدالها بخليط من النفايات الورقية
والأجهزة المستهلكة لإقامة تمثال.