Page 53 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 53

‫‪51‬‬         ‫إبداع ومبدعون‬

           ‫رؤى نقدية‬

                                                                               ‫تمكن صاحبها من أن يتحلى‬

                                                                               ‫بها ويأتزر بأعطافها‪ ،‬ومن‬

                                                                               ‫تلك المقومات التوجه العلمي‬

                                                                               ‫المنضبط بمنهجية التمدرس‬

                                                                               ‫والممارسة المقرونتين بالتفنن‬

                                                                               ‫الأدائي الذي يجعل الأكاديمي‬

                                                                               ‫معل ًما وفنا ًنا تجتمع لديه‬
                                                                               ‫العلمية بكل ما تتطلبه من‬

                                                                               ‫الصرامة والموضوعية جنبًا‬
                                                                               ‫إلى جنب الإنسانية بكل‬

                                                                               ‫معانيها الجمالية ومقتضياتها‬

                                                                               ‫كالذوق ورهافة الإحساس‪،‬‬

                                                                               ‫لتغدو الأكاديمية هي المقابل‬

                                                                               ‫الاصطلاحي لوصفية القول‬

                                                                               ‫بالموسوعية التي اتسم بها‬

‫جيل دولوز‬  ‫عقيل مهدي‬                                            ‫سليمان العيسى‬  ‫القدماء من علمائنا الأفذاذ‪.‬‬
                                                                                ‫ومن هنا يحق لنا وصف‬

‫كثر أخذوا من أكاديميته وأفادوا من عطاءاته فكانوا‬                                        ‫علماء العربية وفلاسفتها‬
                                                                   ‫القدماء بأنهم كانوا أكاديميين ح ًّقا وف ًقا للمنظور‬
‫أساتذة ومبدعين‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل أفادوا أي ًضا‬
    ‫من الإنسانية الثرة التي تمتع بها الدكتور عقيل‬                    ‫الحديث لهذه المفردة وذلك لسبيين‪ :‬الأول أنهم‬
    ‫مهدي حتى جعلته مثا ًل للمربي الفاضل والقائد‬                   ‫جمعوا النظر بالتطبيق‪ ،‬والآخر أنهم طرقوا العلوم‬
                                                                ‫الإنسانية والعلمية فكانوا موسوعيين برعوا في اللغة‬
     ‫التربوي الذي أتقن عمله فأحسن تمثله‪ ،‬والذي‬                   ‫والشعر والنقد والتاريخ والدين والأنساب وغيرها‬
    ‫انطبع بخلق رفيع حتى ق َّل من يناظره في أدائه‪.‬‬
                                                                      ‫مثلما تمكنوا من الطب والكيمياء والرياضيات‬
  ‫ولطالما ُعرف الدكتور عقيل مهدي بالتزامه المبدئي‬                   ‫والموسيقى كالجاحظ وابن الأثير والغزالي وابن‬
     ‫وانخراطه الواعي والصميم في الحياة انتصا ًرا‬
                                                                                                 ‫سينا والفارابي‪.‬‬
‫لقضايا الإنسان العراقي المعاصر وتطلعاته‪ ،‬مشار ًكا‬                   ‫ولقد اتسم عطاء د‪.‬عقيل مهدي بالسعي الحثيث‬
                                                                ‫للتحلي بالأكاديمية بأوسع مدياتها وأرحب فضاءاتها‬
   ‫في الساحة الثقافية والفكرية بقوة وثبات‪ ،‬موج ًها‬              ‫حري ًصا على الإخلاص لها بوسائل متعددة طبقها في‬
     ‫طلبته ومحر ًضا لهم على العطاء والإخلاص في‬                  ‫مختلف مراحله العلمية والبحثية‪ ،‬ولعل أهم الخصال‬
                     ‫الحياتين الثقافية والجامعية‪.‬‬

           ‫ومعلوم أن التواصل بين الجامعة والمجتمع ما‬            ‫الأكاديمية عنده خصلتان سنرصدها في بحثنا هما‬

           ‫كان أم ًرا جا ًّدا ولا واض ًحا إلا عند فئة قليلة من‬  ‫التمدرس المنهجي للمنظورات والمفاهيم بفروضها‬
‫ومعطياتها‪ ،‬والتفنن في الممارسة العملية والتطبيقية‪ .‬الأكاديميين ومنهم الدكتور عقيل مهدي الذي تطلع‬
           ‫وليس غريبًا ان تنطبع مرجعيات التوجه الأكاديمي منذ وقت مبكر من مشواره الجامعي إلى توثيق‬
‫صلته بالوسط الثقافي العراقي‪ ،‬سواء أكان ذلك في‬                   ‫عند الدكتور عقيل مهدي‪ ،‬بالامتداد الذي يستمد‬

‫عضويته لاتحاد الأدباء والكتاب أو في تواصله مع‬                   ‫أصوله وجذوره من علمائنا الاوائل وما كانوا‬

           ‫المنظمات الفنية والتجمعات والملتقيات الثقافية في‬     ‫ينزعون إليه من حب للمعرفة وميل إلى التعلم‬

           ‫سعي منه إلى توكيد أهمية أن تمد الجامعة أواصر‬                        ‫والتعليم‪.‬‬

           ‫تواصلها مع المجتمع لتؤدي دورها المنوط بها في‬         ‫وهكذا تخرج في مدرسة د‪.‬عقيل مهدي متعلمون‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58