Page 54 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 54
العـدد 33 52
سبتمبر ٢٠٢1
الفنية الحداثية ،كان مع الحربين العالميتين الأولى النهوض به وتغييره وتقدمه.
والثانية .ومعلوم أن الحروب عدوة الفنون لكنها ولأجل أن نتبين أبعاد التمدرس المنهجي ومظان
بمنظور د.عقيل “ذاكرة دموية تهز من استقرار التفنن العملي عند الدكتور عقيل مهدي سنتناول
الشعوب وتتحدى أمنها واستقرارها ..لكنها أي ًضا
تحفز الفنان وتميزه بذلك العطاء الخصب والحيوي المحورين الآتيين:
والمبتكر في مجابهة الموت المجاني الذي تذروه رياح
الحروب وسمومها”( .)3ومن أهم الأساليب الحداثية أو ًل :التمدرس المنهجي
هو ظهور فنون معاكسة للفنون التقليدية التي كانت
معروفة ،عادا هذه الفنون المعاكسة فنو ًنا مستحدثة نعني بالتمدرس المنهجي غلبة النزعة المدرسية في
التأليف المنهجي وسيادة التوجه العلمي الذي طالما
وواص ًفا استحداثها بعملية ارتداء أقنعة جديدة ابتغاه د.عقيل محاو ًل مساعدة المتعلمين وإعانتهم
معاصرة ،لتعكس ما يم ُّر به العالم من حروب
وكوارث جعلت الفنانين يفيقون على حقيقة واقعهم، معرفيًّا وبالشكل الذي يجعل تشعبات نظرية ما
ومن هؤلاء الفنان كاندنسكي والفنان دوشامب. أو توجهات منهجية بعينها ،مضبوطة ومختزلة
ويمضي في الاستعراض التاريخي للجمال ،راب ًطا وبتخطيط إفهامي ودراية تعليمية لكل ما هو مهم
إياه بالفن والفلسفة والدين ،بد ًءا من ريشارد فاجنر في المادة المبحوثة وضروري ينبغي توصيل مفرداته
إلى الدارسين المتخصصين وتحدي ًدا دارسي الفن
وبيير بروغيل وإدوارد مانيه وكلود مونيه.
وبيَّن د.عقيل أن المنظور الحداثي في دراسة الجمال المسرحي المعاصر.
وبهذا التمدرس يتم توصيل كم وافر من
تجسد مع الانقلاب على الانطباعية إذ “لم يعد
الموضوع هو المهم ..بل مجموعة الألوان وتغيرها التطبيقيات المنهجية والمنظورات المعرفية
والمصطلحات التخصصية إلى الطالب الجامعي
بتغير الضوء”(.)4 وجعلها متاحة أمامه في الدراستين الأولية أو العليا
ومثّل على الانعطاف من الانطباعية نحو التعبيرية وبما يحقق له أهدافه في التزود العلمي ويضع
خطواته الدراسية على الطريق الصحيح سال ًكا
بما سماه (مأثرة بيكاسو الجرنيكا) 1937التي السبيل الذي به يصل إلى مقاصده في الاكتساب
والتعرف.
ومن أمثلة التمدرس المنهجي في مؤلفات الدكتور
عقيل مهدي كتابه الموسوم (أقنعة الحداثة دراسة
تحليلية في تاريخ الفن المعاصر)( )1وهو كتاب
منهجي يتعرض لمقدمات الحداثة التي تخللت
الأنساق التقليدية في علاقة الفن بالتاريخ.
ولقد اتسم التمدرس المنهجي في هذا الكتاب بمنازع
بدت مهيمنة وظاهرة ،وأولها النزوع التاريخي الذي
جعل الدكتور عقيل مهدي ،يهتم كثي ًرا بالتأرخة للفن
وأعلامه وفلاسفته من منطلق أن التاريخ هو الإطار
الموثق للنتاجات الفنية والمدون لأعلامها والكاشف
عن سياقات تطورها ،وعن ذلك يقول“ :إن التاريخ
هو عملية تسجيل يقوم بها المؤرخ وهو يرصد حد ًثا
من الأحداث التي يمر بها مجتمع ما في حقبة زمنية
معينة”(.)2
ويرى أن الانعطاف التاريخي المهم في الأساليب