Page 126 - merit 54
P. 126

‫العـدد ‪54‬‬   ‫‪124‬‬

                                                   ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

  ‫وتظهر مظاهر القهر والظلم للمرأة في هذه الفترة‬         ‫الطاهرة يقولها يا دودة‪ ..‬بتاكلي قسمتك‪ ..‬ربي‬
‫جلية من خلال وصف سرد اختيار عروس فارس‪،‬‬             ‫اجعل للصابرين المغفرة‪ .‬أحبت الموال واندهشت من‬

     ‫وهنا يظهر بوضوح السلطة الذكورية الكبيرة‬              ‫سطوة فكرة «الصبر» على أذهان السوالمة»‪.‬‬
‫مقابل الضعف الأنثوي والمهانة لهن‪ ،‬نقرأ (ص‪١٤٤‬‬         ‫هناك أنثروبولوجيا المرأة في مقابل أنثروبولوجيا‬

      ‫و‪« )١٤٥‬الحكيم اللي كان بيعرضنا عليك زي‬            ‫الرجل‪ ،‬ولا يعد البحث عن خصوصيات للمرأة‬
  ‫بضاعة بايرة بيدللوا عليها في السوق‪ .‬إحنا مهما‬           ‫تصني ًفا اجتماعيًّا‪ ،‬لأنه طرح سردي لا يطال‬

     ‫كان بني أدمين يااا‪ ..‬يا ابن رضوان بيه! يری‬        ‫المرأة وحدها بل كل مكونات المجتمع بتفاصيله‬
‫ص ًّفا من البنات عاريات الصدور‪ ،‬يمر عليهن حكيم‬          ‫التي كثي ًرا ما تحوم حولها إشكاليات مختلفة‪،‬‬
‫الصحة بسماعته الطبية من قلب إلى قلب في فحص‬            ‫واستفسارات تحاول فهم اختلاف التعبير عنهما‬
‫استثنائي‪ ،‬ابتدعه البيه متذر ًعا باكتشاف وباء جديد‬   ‫دلاليًّا‪ ،‬واختلاف الدلالة بينها وبين الرجل‪ ،‬وكيفية‬
                                                     ‫حضور كليهما في منجز الآخر‪ ،‬ومدى توافقه مع‬
  ‫يصيب البنات‪ ،‬كي يختار لابنه أكثر البنات عافية‬       ‫الموقف السردي والقدرة على وصولهما إلى عمق‬
  ‫وأفضلهن بنيا ًنا‪ ،‬وبعد اصطفاء ثلاث منهن‪ ،‬يعيد‬      ‫التج ِّل البحثي لكسر حواجز الاختلاف والتخالف‬
 ‫الحكيم الكشف‪ ،‬فيما تلتصق عينا فارس على ثقب‬          ‫والصدام والتصادم بفعله البناء في كتابة المواقف‬
   ‫في الجهة الأخرى للستار‪ ،‬يتيح له أن يختار من‬          ‫السردية‪ .‬فالسرد مقسم إلى ‪ ١٤‬جز ًءا نصفهم‬
  ‫يريدها من الثلاث‪ ..‬ست نهود عارية‪ ،‬ست شفاه‬        ‫بأسماء رجال والنصف الآخر بأسماء نساء‪ .‬الكاتبة‬
   ‫منداة من فرط الخجل‪ ،‬ست أعين منكسرة‪ ،‬ست‬           ‫تقول إن المجتمع لن يتوازن إلا بهما‪ ،‬فهما نصفان‬
                                                   ‫متساويان‪ ،‬والمرأة لها دور يتساوى مع الرجل‪ .‬كل‬

                                                              ‫منهما له دوره الفعال والبناء والمتكامل‪.‬‬
                                                       ‫ورغم ذلك في رصد هذه الفترة الزمنية لم يكن‬
                                                    ‫للمرأة هذه المكانة أو هذا الحق‪ .‬فقصص النساء في‬
                                                    ‫الرواية مثل سعاد أو ليلي أو جميلة أو رية أو حتى‬
                                                    ‫شفاعة‪ ،‬لم يحصلن على حقوقهن أو يقررن بحرية‪.‬‬
                                                   ‫علي سبيل المثال سعاد هانم لم تختر زوجها بحرية‬
                                                   ‫وتعيش في السراي رغم مظاهر الثراء كأنها سجن‪،‬‬
                                                   ‫ولا تشعر بمكانتها كزوجة بل تزوجت على «ضرة»‬
                                                       ‫وهي صافيناز هانم‪ ،‬ووجودها مرتبط بإنجاب‬
                                                         ‫الولد الذي سيرث رضوان بيه‪ .‬نقرأ (ص‪)١٢‬‬
                                                       ‫«أخبرتها أمها أنها ستكون سعيدة مع البيه ابن‬
                                                   ‫الأصول الذي يجله‪ ،‬وأنها محظوظة بالعيش «عيشة‬
                                                     ‫الهوانم» في سرايا عظيمة‪ .‬لم ينتبه أحد إلى جهلها‬
                                                    ‫بالمعنى الحقيقي لأن «تدخل على ُضرة»‪ ،‬بتوابع أن‬
                                                    ‫تكون هذه الضرة جميلة وذكية وشرسة‪ ،‬واسمها‬

                                                                                       ‫«صافيناز»‪.‬‬
                                                       ‫في المقابل‪ ،‬الرجل يحصل على الكثير من حقوقه‬
                                                    ‫ويقرر بحرية‪ ،‬وله سلطة ونفوذ مثل رضوان بيه‪،‬‬
                                                        ‫ومنهم من يخرج للتعليم ويسافر للخارج بكل‬
                                                    ‫حرية ويتزوج من يريدها مثل فارس ابن رضوان‪،‬‬
                                                   ‫وزواجه أكثر من مرة‪ ،‬وحتى من سوزان الأجنبية‪.‬‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131