Page 129 - merit 54
P. 129
نون النسوة 1 2 7 لبناء الحاضر ورسم المستقبل.
هناك أنثروبولوجيا أخرى وهي أنثروبولوجيا
في السرد تظهر كذلك سطوة وسلطة الموت التي لا الموت .فالموت هو من أكبر وأهم الحوادث التي
يستطيع أحد منعها ،حتى أصحاب السلطة والقوة، يمكن أن تقع لإنسان ،فهو يغير من حياته بفقد
ومدى تأثيره في الإنسان والمجتمع المحيط به، عزيز لديه ،بل إنه في بعض الأحيان يوقفها
فموت رضوان بيه مث ًل أدى إلى بناء ضريح له عند ويجعلها جامدة عند تاريخ محوري .الموت طور
من أطوار حياة الإنسان لحكمة الانتقال إلى الحياة
شجرة اللبخ التاريخية في هذا المكان. أخرى .ونجد رص ًدا لحالات الموت في سرد الرواية،
النهاية رغم وجود الموت فيها من موت همام ليس مو ًتا وفقدان عزيز فقط لكن مو ًتا مأساو ًّيا
إلا إنها دلالة على البعث من جديد لحياة جديدة له حادثة لا تنسى ،كأن الموت كذلك له سطوته
وتغيير جديد ،بل يكون شعلة لثورة إنسانية في الكبيرة والمؤثرة في الحياة عمو ًما والسرد علي وجه
التغيير برجوع متولي وليلي وفارس ،كل ذلك في الخصوص .وحالات الموت هنا تعطي فرصة للتأمل
وجود شجرة اللبخ العين الشاهدة على كل الأحداث مع تفاعل الإنسان معه بإنتاج طقوس وممارسات
والتاريخ. عكست مستوى فهمه وتصوره له.
فنجد أن الكاتبة تخبرنا -من أول السرد -بموت
في النهاية رضوان بيه ،وتكون المفارقة أن حدث الموت هذا هو
بداية لحياة وصيرورة السرد ،ونلاحظ في رصد
علينا ألا ننسى مقولة سوسير ،وهي أن وجهة
النظر هي التي تخلق الموضوع ،والكاتبة اهتمت معظم الوفيات التي حدثت في الرواية أنها وفاة
بموضوع الظواهر الاجتماعية التي لا يمكن أن بحادثة غريبة وكبيرة ومؤلمة.
توجد من دون رؤية ،وأن الرؤية التي نظرت بها
للأشياء هي التي تمكننا من المعرفة .معرفة زمن فعلي سبيل المثال ظروف وفاة رضوان بيه أنه
معين بمظاهره الأنثروبولوجية المختلفة ،والخروج شرب الماء فـ» َش ِر َق» ومات عار ًيا وتركت الجثة
من الواقع الحسي والإسقاطات المسبقة لمحاولة بناء
عالم سردي له علاقات تنتمي إلى نظام سردي له حتى بدأت في التعفن .وهنا المفارقة التي تدعو
للتأمل ،فهذا الرجل القوي صاحب السلطة والمال
آلياته. والصحة مات من مجرد شربة ماء ،الذي هو في
عزة رشاد ح َّكاءة بارعة ،لديها مخزون كبير عن الحقيقة سبب الحياة لكل الكائنات .هذا تنبيه لكل
الريف وصنعت عالمًا سرد ًّيا به الكثير من المسارات ظالم أو طاغية أن الموت أقرب إليه مما يتصور.
والشخصيات والأحداث التي تبقي عالقة في ذهن والبنَّاء الذي كان يبني ضريح رضوان بيه ومات
المتلقي ،فلا نستطيع القول إن همام قد مات ،لكنه بسبب قرص النحل ،نقرأ (ص« )٢٤٣البنَّاء الشاب
وقد غطاه النحل تما ًما من رأسه حتى قدميه ،في
ما زال موجو ًدا في شخصيات حولنا تنبع من الصباح لن يجدوا البنَّاء ولا جثته ،بل مز ًقا ونسائل
أصالة الشخصية .نجحت الكاتبة في الكتابة عن
الريف بهدوئه وبساطته ومحدودية فئته المجتمعية تركها النحل».
من عمل معظم سكانه بالزراعة ،إلا أن به الكثير والطفل ابن نصر الدين الذي مات في حر بؤونة
من الصراعات والأحداث التي تحتاج إلي رصد بضربة شمس( .ص« )٢٣٠مات ولده البكري
«نعمان» بضربة شمس ،فيما كانت أمه مشغولة،
وملاحظة وفهم. تعلقت عيناه بعيني قط صغير استدرجتا الولد
اشتغلت الرواية علي توضيح مظاهر إنسانية من «نعمان» فتبعهما وصو ًل إلى الأرض الخلاء العارية
خير وشر ،وفاء وخيانة ،كذب وصدق ،حياة تحت وطأة شمس بؤونة التي لا ترحم».
وموت ،حياة سردية كاملة بصورها التي حققت وحتى همام الذي قتل بالرصاص .وغيرها مثل
هدفها من حضور الإنسان الذي يمثل أهم مكونات موت رية وابن مبارز .كل هذه الوفيات وغيرها
المجتمع