Page 127 - merit 54
P. 127

‫نون النسوة ‪1 2 5‬‬                                               ‫ضفائر» واختار «الوسطانية وخلاص»‪.‬‬
                                                       ‫وهناك كذلك شخصيات في العالم الأنثروبولوجي‬
      ‫شرعي‪ ،‬تقهقه‪ ،‬الجدع من دول يبقى ميت فل‬
   ‫وعشرة قبل الجواز‪ ،‬وقال بعده يظهر ويبان على‬           ‫الأنثوي المكتوب صنعت لها الكاتبة بنية سردية‬
‫حقيقته‪ ،‬أقوله‪ :‬بالمعروف يا خويا دخلنا وبالمعروف‬       ‫مقابلة للقهر‪ ،‬من أنها حددت مصيرها وكان لديها‬
                                                      ‫القدرة على اتخاذ القرار بل وتنفيذه‪ ،‬مثل «جميلة»‬
                                        ‫نفترق»‪.‬‬
       ‫هذه الشخصيات تعطي بنية توازنية للسرد‪،‬‬             ‫التي وضعت شرو ًطا لزواجها‪ ،‬نقرأ (ص‪)٣١٩‬‬
 ‫ووصول الفكرة والدلالة للمتلقي بما فيه من كيف‬             ‫«انتظر ْت قلي ًل قبل أن تخبره أنها ستستمر في‬
     ‫أصبحت جميلة بهذه الشخصية وصارت بهذه‬               ‫العمل بعد الزواج‪ ،‬فأطرق إلى الأرض‪ ،‬كان لديها‬
                                                      ‫احتياج حقيقي لأن يكون لها قرشها الخاص‪ ،‬كما‬
                                         ‫القوة؟‬         ‫فعلت معها ست أبوها‪ ،‬أو حتى على نفسها دون‬
 ‫هذا يحيلنا إلى آلية الراوي في الرواية‪ ،‬وهو الراوي‬    ‫أن يمنعها أحد‪ ،‬رفع رأسه بنظرة حاسمة وقبل أن‬
  ‫العليم أو الراوية العليمة‪ .‬والراوي العليم هو أقدم‬   ‫يعلن عن رفضه لعملها فاجأته بالضربة القاضية‪:‬‬
  ‫أنواع آليات السرد‪ ،‬وهو في الغالب سرد خارجي‬
                                                                                  ‫العصمة ف إيدي»‪.‬‬
      ‫تقدمه الكاتبة وتمنح نفسها سلطة معرفة كل‬            ‫وكذلك شخصية جدتها ست أبوها التي عاشت‬
    ‫شيء عن دخائل الشخصيات وأفعالها وسمتها‬            ‫حياتها كما تريد‪ ،‬وتملك قرارها‪ ،‬كلمتها من رأسها‪،‬‬
   ‫وأفكارها وكل ما يتصل بها‪ .‬وتنتقل بحرية بين‬        ‫نقرأ (ص‪« )٣٠٢‬جدتك ست أبوها مد ِّوباهم أربعة‪..‬‬
 ‫الأزمنة والأمكنة والشخصيات وهي متحكمة كلية‬
  ‫في السرد بشخصية ذكية وقوية وتبني رواية لها‬
 ‫ركائز قوية‪ .‬هذه الآلية أعطت للكاتبة سلطة كبيرة‬
‫على عالم السرد‪ .‬وتعطي بعض الحرية للشخصيات‬
 ‫في وقت الحوارات في دلالة إظهار شخصيتهم التي‬
 ‫هي متحكمة فيه كذلك‪ .‬هنا تظهر شخصية الكاتبة‬

                         ‫الواعية والمثقفة والقوية‪.‬‬
       ‫هناك كذلك أنثروبولوجيا تهتم بالقيم الطبية‬
‫والمرض وأسبابه وعلاجاته وحماية صحة الإنسان‬
     ‫ونجد ذلك في أكثر من موضع في بنية السرد‪.‬‬
      ‫من أول العنوان الذي هو «شجرة اللبخ» التي‬
    ‫تعتبر مصد ًرا قدي ًما للعلاج في العموم‪ .‬ثم نجد‬
  ‫سرد لعلاجات كانت تستخدم في هذا الوقت‪ ،‬نقرأ‬
‫(ص‪« )١٢١‬ولم يستجب سوى للبخة نوى المشمش‪،‬‬
‫والدهانات التي أعدها له ‪-‬كما لغيره من المصابين‪-‬‬
     ‫طبيب شعبي نابه» و(ص ‪« )٢٠٠‬راحت تكمد‬
 ‫مواضع الألم والتورم والازرقاق المروع في جانبها‬
  ‫الأيسر بقطع من خيش رقيق مبلل بروائح نفاذة‪،‬‬
     ‫أغمضت ليلى عينيها ثم فتحتهما‪ ،‬فرأتها تتنهد‬
‫وتشير برأسها يمينًا ويسا ًرا‪ ،‬فيأتي شيخ ذو لحية‬
‫بيضاء وعباءة سوداء بسكين كبير‪ ،‬يحرقه في النار‪،‬‬
    ‫ثم يقربه من ذراعها المتألمة‪ ،‬فيما تضع العجوز‬
     ‫قطعة قماش مطوية بين فكيها‪ ،‬وتغمي عينيها‬
   ‫بطبقات عديدة منه‪ ،‬حجبت عنها الرؤية لكنها لم‬
     ‫تمنعها من الإحساس»‪ .‬هذا يوضح كيف كانت‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132