Page 121 - merit 54
P. 121
نون النسوة 1 1 9 أزهر ًّيا ثم وجد نفسه هائ ًما مع الحكواتية،
وأحيا ًنا وراء العوالم؛ ثم انتبه إلى الأراجوزة ولم
بل شعر بأنه فقط مدين لفارس باعتذار لأنه اضطر
لإخفاء الأمر عنه ،وكان مستع ًّدا ليتح َّمل غضبه، يشعر بالذنب لممارسته ،لم بشعر بأن شيئًا قد
سيتحمل إن ضربه أو حتى قتله ،لن يعبأ لأنها خدش حقيقته ،بل كان يراها أكثر جلا ًء .سمحت
معه. له حياة الأراجوز بممارسة نضاله ،كان يسخر
بألسنته العديدة من الملك والإنجليز والموالين من
الخاتمة المصريين .كان يتعرض بسبب هذا الأراجوز لكثير
من مداهمات وملاحقات البوليس للأماكن التي
اختتمت الكاتبة الرواية بقولها« :قد يكون درب
السوالمة مسر ًحا لصراع دار بين الحب يعمل بها ،وكان ينجو منها بأعجوبة ولا
يستسلم.
والتسامح والجشع والأنانية والولع بالسلطة،
أو قد يكون أي شيء آخر ،عدا أنه سيظل ذات مرة عثر على محفظة فارس وسط
مثي ًرا للدهشة أن تطلق صفة «جنة» على مسروقات همام ،تركه يأخذ ما بها من
مكان تندم بعد عشر دقائق من وصولك مال ،ثم احتال وأخذ أوراق فارس ضمن
إليه؛ لكونك لم تحضر معك كمامة طبية،”.. أوراق أخرى بحجة إحراقها ،وقام
ورغم تأكد القارئ من أن درب بإرسال الأوراق إلى فارس .حين
السوالمة ليس جنة ،إلا أنه وسط تزوج جميلة ،استعادت هي
كل ذلك الظلم والنفاق يضيء عافيتها ولمعان شعرها ،بينما
نور ساطع من روح شباب
كان متولى الغلبان يذوي
السوالمة. من شدة الإرهاق فينام
إيما ًنا منها بقوة روح
الشباب ،قدمت عزة رشاد وهو جالس ،وكذلك
ببراعة شخصيات رجالية يتضاءل من قلة التغذية
مذهلة في روايتها «شجرة
اللبخ» .جاءت نهاية الرواية أي ًضا «يؤثرها على نفسه
منسجمة مع رسالة الكاتبة. ويترك لما نصيبه من
مدكور ،الضابط الظالم الذي الطعام م َّدعيًا :شبعت
يمثل وجه النظام تتم هزيمته أو مليش نفس» ،لم
من طرف الشباب الثلاثة بطرق تعرف الجوع وعرفه
مختلفة .فارس يرميه بالرصاص هو ،ومع ذلك يترك لها
دفا ًعا على همام ،ويرى طليقته ليلى طعامه! مع متولي فقط
التي كان يعشقها ولم تمنحه قلبها عرفت معنى الحرية والأمان
متزوجة من متولي ،كما يلمح في «عرفت معه حبًّا لا يستهدف
عينيها الشوق واللوعة لهمام قبل السلطة أو الاستعباد بل العطاء».
موته .لتثبت لنا أن الشرير والطيب كان يشعر معها أنه سعيد ،أسعد
والأراجوز وقفوا م ًعا ضد الاحتلال إنسان في العالم كله .منذ قبلت
والظلم ،لكونهم يشتركون جمي ًعا العيش معه في عشه الصغير على
في حب هذا الوطن ،وأثبتوا أن أبناء العودة لسرايا البيه ،منذ جعلته يرى
مصر ليسوا ذوي طبيعة رخوة لا تؤهلهم في نفسه أشياء لا يعلم بوجودها،
فانطلق يهجو الظلم من وراء قناع
لاتخاذ قراراتهم الأراجوز .لم يشعر بالذنب لأنه تزوج
«ليلى بنت رضوان البلييسي» وأحبها،