Page 119 - merit 54
P. 119
نون النسوة 1 1 7 ابن مبارز الحرامي همام ،التي تتميز بالوحشية
والحقد ،وتسعى جاهدة لتحقيق ثأرها ضد رضوان
التي ورثها من والدته أثمرت في نفسه .رغم أن
فارس كان يمثل خيبة أمل لوالده ،إلا أنه في الحقيقة البلبيسي بأي وسيلة .وفي الوسط ،نرى شخصية
«الأراجوز» متولي الغلبان ،الذي لا يعرف لأي كفة
لم يكن تاف ًها ولا جبا ًنا .كل ما في الأمر ،أنه كان يجب أن يميل ،شاب فلاح يعيش بأخلاق النبلاء،
يملك آراء مستقلة ومختلفة عن آراء المحيطين ما يمنح هذه الشخضية أبعا ًدا إنسانية أكثر تعقي ًدا.
به حول مستقبل البلاد .يعتقد والده أن «أبناء
البلد لديهم طبيعة رخوة لن تجعلهم يصمدون ورغم اختلاف الشخصيات الثلاثة في كل شيء
أمام الامبراطورية العظمى» ،وأن «البريطانيين تقريبًا ،استطاعت النزعة الثورية داخل أرواحهم
لم يأتوا ليبقوا بل سيغادرون إذا ما ظهرت كتيبة الشابة أن تجمعهم وتوحد شملهم في النهاية.
من الرجال البارزين الذين يمكنهم إدارة شؤون
البلاد ،محافظين على المصالح البريطانية فيها». الطيب:
لكن فارس كان يقضى ساعات على المقهى يصغى فارس أفندي ،ابن البيه مش عوام
إلى المناقشات الدسمة التي جعلته يدرك عزم فارس أفندي ،شاب نشأ في نعيم الطاغية رضوان
البريطانين على البقاء وتحايلهم لتبريره .وهذا ما البلبيسي ،كبير السوالمة ،لكن يبدو أن بذور الخير
أثبتته أي ًضا الشوارع التي شهدت دماء المتظاهرين
ال ُع َّزل الذين خرجوا احتجا ًجا على سجن ممثلى
الأمة ،فأطلق البوليس النار عليهم دون تمييز .هو
نفسه وجد نفسه داخل جدران زنزانة «مكتظة
بخلق الله متنوعي الإصابة والأنين» ،بعدما ضربه
الجنود بكعوب البنادق حتى سالت دماؤه وفقد
وعيه.
يعتقد مدكور ،الضابط المتواطئ مع الانجليز
زوج ابنة رضوان ،أن فارس من أولئك الشبان
الأرستقراطيين المن َّعمين ،الذين ي َّدعون الوطنية،
لديهم كل شىء :المال والمكانة والمستقبل المرموق،
ملعقة ذهب في أفواههم من المهد إلى اللحد« ،فما
الذي يضيرهم أن يحكم البلد مندوب بريطاني
أو عثماني أو جن أزرق!! كي ينضمنوا للرعاع
ويدفعهم لخوض صراعات ليسوا أه ًل لها؟!” .من
جهة أخرى صافيناز ،زوجة والده ،بح صوتها
في إقناعه بسذاجة المصريين الذين يتخيلون أنهم
قادرون على إدارة البلاد بشكل أفضل من إدارة
البريطانيين لها ،ولما يئست عملت على إقناع
رضوان بضرورة إبعاده؛ فكان سفره لباريس.
حتى سوزان زوجته ،الفرنسية المتحررة ،كانت
تؤمن بأن الإنجليز سيبقون بسبب الطبيعة المتواكلة
للمصريين التي لا تؤهلهم لحكم أنفسهم.
لكن فارس خالف كل التوقعات ،فهو لم يكن مجرد
ثري مدلل يستمتع باهدار مال أبيه دون الالتفات
لشؤون البلاد ،بل كان شا ًّبا واعيًا مثق ًفا ،ينشر