Page 116 - merit 54
P. 116

‫العـدد ‪54‬‬          ‫‪114‬‬

                                                ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫«فارس يمتلك نظرة حائرة مضطربة في مواجهة‬         ‫التي تتسم بالانضباط الشديد والخشونة أثناء فترة‬
   ‫أبيه‪ ،‬نظرة متوهجة تشتهي الحياة والنساء‪،‬‬        ‫التنشئة‪ ،‬فها هو فارس بك يتذكر صورته فيقول‬
                                                    ‫عنه «العين التي لا ترمش‪ ،‬والبؤبؤ الغارب‪،‬‬
 ‫نظرة لا مبالية تلمحها رغم محاولاته لمداراتها‪،‬‬   ‫وصوته تهتز له الجدران»‪ ،‬ويتذكر صورة جده‬
    ‫وأخرى شقية تجعلها تلوم نفسها وتعترف‬
    ‫بأن تعاستها قد انعكست رغ ًما عنها عليه»‪،‬‬    ‫المُعلقة في غرفة المكتب الخاص بوالده «الجد نصير‬
   ‫كما تتضح صورة منصور العربجي الذي ُيحب‬             ‫بك البلبيسي في صورته تظهر يده مرفوعة‬

 ‫شفاعة‪ ،‬وتقول عنه «العربجي قدرها وحسسها‬            ‫وقابضة على السوط»‪ ،‬وتقول سعاد هانم عنه‬
     ‫إنها هانم»‪ ،‬على النقيض من ذلك توقف همام‬    ‫إنه «زوجها الذي أحبته وكرهته وخافته وتمنت‬

   ‫ابن مبارز عن أفعاله القبيحة وتوقف عن النشل‬       ‫رضاه وأحيا ًنا موته»‪ ،‬وتصفه فتقول «أرنبة‬
   ‫عندما أحب سبيلة أرملة جده الشيخ بسيوني‪،‬‬         ‫أنفه الطويل التي تكون أول ما يلامس جلدها‬
                                                   ‫عندما يقترب ليدس رأسه بين ثدييها‪ ،‬يمتلك‬
     ‫كان كذلك أبوه مبارز ُيحب السيدة رية هانم‬    ‫شامة صغيرة بين حاجبيه اللذين يرتفعان مع‬
                                                  ‫بعض الكلمات‪ ،‬ابتسامته المتدرجة في الاتساع‬

                                                                    ‫والاستواء اللافت لأسنانه»‪.‬‬
                                                     ‫كان رضوان بك البلبيسي انتهاز ًّيا أي ًضا مع‬
                                                    ‫زوجته سعاد هانم‪ ،‬التي مات أبوها وهي آخر‬
                                                   ‫العنقود لأم طيبة ودستة من الصبيان أصغرهم‬
                                                    ‫كان يكبرها بعشرة أعوام‪ ،‬وهو الذي أصر على‬
                                                   ‫زواجها منه وانتقالها لتعيش في السرايا كزوجة‬
                                                    ‫ثانية حتى أنجبت له الولد؛ ُهنا نرى الاستغلال‬
                                                  ‫الجنسي الذي يمارسه الرجل على المرأة واختزال‬
                                                ‫كيانها في صورة جسد محض‪ ،‬ومع ذلك لعب دو ًرا‬
                                                ‫مؤث ًرا في شخصيتها باعتبارها وعا ًء لرغباته‪ ،‬ليتأكد‬
                                                 ‫المُتلقي أن الشخصية الانتهازية هى التي تستثمر‬
                                                     ‫فساد الواقع في تحقيق مصالحها‪ ،‬وكان كذلك‬
                                                ‫متسل ًطا مع أخته رية هانم عندما أطلق إشاعة أنها‬
                                                    ‫مجنونة‪ ،‬بعدما علم بحب مبارز لها‪ ،‬مبارز ابن‬
                                                ‫السوالمة العامة الذي انضم لمقاطيع الجبل حتى قتله‬
                                                   ‫رضوان بك؛ ُهنا استغلال الرجل للمرأة يعود لما‬
                                                   ‫يمتلكه من أعراف وعادات وتقاليد تجعل له اليد‬

                                                                                    ‫ال ُعليا عليها‪.‬‬

                                                            ‫خاتمة‬

                                                ‫في رواية شجرة اللبخ‪ ،‬نجد شخصية فارس بك‬
                                                 ‫وعدم قدرته على الاستمرار في الزواج من امرأة‬
                                                    ‫واحدة‪ ،‬وتشتته بين النساء وإحساسه الدائم‬
                                                  ‫بالقصور تجاه حبيبته جميلة؛ فهو يمثل المحب‬
                                                 ‫العاجز‪ ،‬وعلى حد وصف والدته سعاد هانم له‬
   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121