Page 88 - merit 54
P. 88

‫العـدد ‪54‬‬                           ‫‪86‬‬

                                                  ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫رهف نصر‬

‫في الليل‬

  ‫الاستسلام للإيقاع بعد حين‪ ..‬تشو تشو تشو‪..‬‬                                  ‫ليل (‪)١‬‬
                          ‫تشو تشو تشو‪ ..‬تك‪..‬‬
                                                   ‫لي ساق خشبية تنكرها أمي على الدوام‪ ،‬تؤكد أني‬
 ‫يسقط شيء ما على الأرض الافتراضية‪ ..‬يتدحرج‬          ‫قد ولدت كاملة بساقين من لحم ودم‪ ،‬تغضب إذا‬
      ‫سري ًعا قبل أن أراه‪ ..‬ما الذي سقط؟ إلى أين‬     ‫تماديت في الحديث عنها‪ ،‬أبتلع صوتي‪ ،‬أترك لها‬

  ‫تدحرج؟ تعود تروس تلك الآلة المعطوبة المسماة‬        ‫صورتي الكاملة بساقين من لحم ودم وأغادر‪..‬‬
           ‫رأسي كلها فجأة إلى الدوران المحموم‪.‬‬    ‫في غرفتي أمد يدي أسفل غطائي لأتحسس ساقي‪،‬‬
                                                  ‫أبتسم لألم شظية خشبية صغيرة تنغرز بأصبعي‪..‬‬
‫في الخلف تتردد ضحكات الأرق المثيرة للأعصاب‪.‬‬
                                                     ‫أغمض عيني وأتخيل شجرة بعيدة تحلم كل ليل‬
              ‫ليل (‪)٣‬‬                                                                  ‫بالركض‪..‬‬

   ‫الشمس تتوسط السماء ولكن الليل يطرق بابي‬                ‫أتخيل با ًبا عتي ًقا تطرقه يد تائه باستمرار‪..‬‬
          ‫أفتح له فيخطو للداخل بخطوات مرتبكة‬              ‫أتخيل تائها بساق خشبية يحاصره الليل‪..‬‬
                                                     ‫أكاد أن أستسلم للنوم كصغير تصدقه أمه لولا‬
      ‫يجلس في ركن الغرفة‪ ..‬أشاركه صمتًا ثقي ًل‬       ‫الطرقات المستمرة‪ ..‬أنفتح كباب عتيق تطرقه يد‬
‫يغمض عينيه كمن يجاهد ليمنع دمعة من الانزلاق‬            ‫تائه تركض خلفه الأشجار ولا يدخلني سوى‬

       ‫يفتحهما فتسقط من إحداهما نافذة صغيرة‬                                                ‫الليل‪..‬‬
      ‫ألتقطها فأعلقها بقلب الجدار المقابل لفراشي‬
 ‫يصر الباب من خلفي فألتفت لأجد الليل قد غادر‬                                 ‫ليل (‪)٢‬‬
‫يقترب ه ِّري من النافذة‪ ،‬يتشممها‪ ،‬يلتفت لي ويموء‬
‫أخبره بأننا أب ًدا لن نفتح نافذة قد سقطت من عين‬   ‫عميثنًلَّييأحضياع ًنارأسي‬  ‫أغلق‬    ‫في محاولة للتغلب على الأرق‬
                                                                             ‫الليلة‬  ‫وأتخيلني أقوم بفعل رتيب‪..‬‬
                                          ‫الليل‬
     ‫لا يلح كعادته وإنما يقفز إلى الفراش جواري‬    ‫في يدي مكنسة عتيقة لأزيح بها الغبار عن أرض‬

                               ‫ليرقبها من بعيد‬                                        ‫افتراضية‪..‬‬
     ‫أتجمد وه ِّري على الفراش‪ ..‬تحتل نافذة الليل‬
                                                  ‫تشو تشو تشو‪ ..‬تشو تشو تشو‪ ..‬يبدأ رأسي في‬
                                       ‫نهارينا‪.‬‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93