Page 90 - merit 54
P. 90
العـدد 54 88
يونيو ٢٠٢3
ابلهذايفكرسأتقيِّدُ ،مهوعمندساتل َمخو ِد ِعَمدة في مكتبي أرا ِجع العرض لتناول شيء بسيط أتخلَّص منه في وقت لاحق،
نفس الطريقة التي ُولِ َدت
كنت آ ِخر من دخل الاجتماع وتفاجأ الجميع وف َّضلت البقاء وحيدة مع إغلاق هاتفي فصار
بتجميلي لمنتصف وجهي فقط وتع َّجبوا منه ،أمضينا ُيجذبني تدريجيًّا ذلك الثقب الأسود في سريري،
الكثير من الوقت في التح ُّدث عن التخ ُّوفات من حتَّى انضم إلى ألم قلبي آلام فقرات ظهري ،ورغم
انخفاض نسبة مبيعات الشركة حيث إنه بهذه تع ُّدد ألوان الحياة لم استطع تمييز أي لون سوى
الرمادي ِمن بعد ذلك الصباح.
الفكرة ُنش ِّجع النساء على البقاء بطبيعتهن وترك
في هذه الأوقات نكون َمدينين للأصدقاء الذين
مساحيق التجميل ،ولكنني بنيت َمخ َر ًجا لي من يخترقون ِج َدار ُعز َلتِنا ،فنتخ َّفف من ال ُحزن
هذه الزاوية المُغ َلقة بالحديث عن ممثلات ومغنيات ب ُمشار َكتِهم ِعنا ًقا صا ِد ًقا يجعلنا نش ُعر بالنبض
عالميات اخترن أن يظهرن بدون مساحيق تجميل ُرغم اختبارنا ال َف ْقد. بُربغقامءوجصدويدقاتلنيد ِعب َّد،ةوأ َّبياالمومجعودي
استطعت أن أعود
في بعض الأحيان ،وأننا نجدهن في لقاءات وأعمال
لاحقة يتز َّي َّن بها ،وفي نفس الوقت تستطيع السيِّدة إلى روتيني اليومي تدريجيًّا ،ولأتعايش مع غياب
أن َت ِجد نفسها جميلة وأنها تستطيع أن تكون «ريتا» ُقمت باختيار أجمل لقطا ِتنا سو ًّيا وتجميعها
أجمل حينما تستخدم منتجات هذه الشركة ،اخترت لعمل لو َحة خشبيَّة علَّقتها أمام سريري حتَّى
صارت مع الأ َّيام ِذكرى جميلة ُته ِّون عدم وجودها
شعار الحملة «حلوة في كل أوقاتها» ليشمل بشكل
عام الشركة نفسها على مر السنوات ،ومنتجاتها، بجانبي عند استيقاظي في كل صباح.
وبشكل خاص لأو ِّجه رسالتي إلى النساء؛ لأنني وانتقلت صديقتي لاح ًقا إلى كندا لتبدأ مرحلة
أعلم في أعماقي أن كل النساء جميلات بدون شيء،
جديدة ،وسافرت أختي مع زوجها إلى ألمانيا لأوا ِجه
ونجحت فكرتي ،واقتنع العميل بها لاح ًقا ،حتَّى
جاء اليوم الموعود و ُو ِض َعت اللوحات الإعلانية، معارك الحياة ُبمف َردي.
وانتشر تصميم الحملة مع الإعلان ،فرأيتها ***
وتابعت بشغف ردود الأفعال على وسائل التواصل ُتعطيني الانتصارات في عملي َنش َوة لا مثيل لها،
فأسير بين الجموع وأنا مرفوعة الرأسَ ،مش ِر َقة
الاجتماعي ،وجاء انتصاري في أهم وقت من العام
الوجه ،متو ِّر َدة الخ َّدين ،لامعة العينين ،لحظات
حيث الاحتفال السنوي بشراكتنا مع هذا العميل، أشعر فيها بأنني في النقطة المثالية التي طالما
وكان احتفا ًل مختل ًفا؛ لأنني كنت صاحبة التتويج
تخيَّلتها لحياتي ال َع َملية ،بفضل مرآتي كانت هذه
هذه الم َّرة ،ف ُدعيت إلى الاحتفال ،وذهبت بوجه ُيشبِه هي القفزة التي انتظرت تحقيقها بعد الكبوة التي
نجمة ساطعة في ظلام دامس. مررت بها .ففي إحدى الليالي ُعدت إلى المنزل في
كانت أُمس َية جميلة دافئة ُرغم برودة الجو ،شعرت وقت ُمتأ ِّخر وقاومت رغبتي في إلقاء نفسي على
بأنني خفيفة الروح قبل الجسد ،لم تتس َّرب مخاوفي السرير قبل غسل وجهي ،ف ُقمت بإحضار ُمزيل
إلى توجيه أفعالي فكانت من الم َّرات النادرة التي لم
يعرف اضطراب القلق الاجتماعي طريقه إلى عقلي؛ المساحيق التجميليَّة وبدأت في تنظيف النصف
فلم أتو َّقف فيها عن الرقص وتبادل الضحكات الأيمن من وجهي أو ًل ،ثم دققت النظر في المرآة
لأقا ِرن بين النصفين ،ومن ُهنا َن َش َطت ُمخيِّ َلتي،
والابتسامات مع الجميع ،رغبت في توثيق أهم وت َّجسدت أمامي الحملة الإعلانيَّة القادمة التي أعمل
عليها لوا ِحدة من أكبر شركات التجميل في ال َعا َل.
لحظاتي فسألت المص ِّور أن يلتقط لي الصور مع في يوم الاجتماع ذهبت إلى وكالة الإعلان التي أعمل
كل شخص قريب منِّى أو شخصيَّة تك ُمن لها مكانة ِبها ُمب ِّك ًرا بعد أن ُقمت بشراء قهوتي الصباحيَّة
خاصة في قلبي. المُف َّضلة كعادتي في مثل هذه الأ َّيام المُ ِه َّمة ،وظللت
أندهش دائ ًما من قدرة الإنسان في اختبار المعاني
من المواقف التي يمر بها ،وانحيازه للجانب الذي
كان يجب أن يختاره من البداية ،فنعترف بأخطائنا