Page 86 - merit 54
P. 86

‫العـدد ‪54‬‬   ‫‪84‬‬

                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫أشرف الخريبي‬

‫غواية التفاصيل‬

      ‫لأسقط في الحد الفاصل بين شفتيها والبحر‪،‬‬                     ‫(‪ )1‬تواصل‪..‬‬
‫في انحنائي أتمرغ قاط ًعا صوت السكون وصورتها‪،‬‬
                                                       ‫هكذا وفي اللحظة المناسبة تما ًما توقف الجسد عن‬
  ‫ورغم انقباضي التام في اللحظة ذاتها‪ ،‬لكنها تظل‬         ‫الصرا ِخ وانفرط‪ ،‬صار كل شيء إلي خواء‪ ،‬خواء‬
                                    ‫حنينًا وم ًّدا‪،‬‬      ‫ووحشة همدت الأنفاس في الفراغ واستقرت في‬

   ‫تتطلع الصرخات وتسقط الأزمنة‪ ،‬أغرق في النيل‬                                               ‫الحلوق‪..‬‬
                                        ‫وحدي‪،‬‬                                           ‫لم يعد ممكنًا‪،‬‬
                                                                                        ‫لم يعد متا ًحا‪،‬‬
      ‫ُمشتتًا في أنحائها الضاربة في أعماق جذوري‬                                       ‫لم يعد محتم ًل‪،‬‬
           ‫قالت‪ :‬دعني أفرق بين تفاهتك وحلمي!!‬                                 ‫لم أعد أعرف ماذا تما ًما!‬
                                                      ‫غير أن شيئًا ما‪ ،‬أشار ذات صباح مليء بالانضباط‬
      ‫دعني أحبك دون فزع أو ارتباك مرة واحدة!!‬        ‫إلي عواء وفزع‪ ،‬وكان عليَّ أن أصرخ أو أتحدث‪ ،‬كان‬
                                                     ‫عليَّ أن أجري وأنفلت من اللحظة ذاتها‪ ،‬كان عليَّ أن‬
              ‫(‪ )3‬وجد‪..‬‬                                                               ‫أتذكر شيئًا ما‪..‬‬
                                                                              ‫ولأن الموقف صار هزليًّا‬
    ‫كانت تلملم بقاياها قاطبة‪ ،‬تشبك السويتان من‬                                           ‫كان الضحك‬
                      ‫الخلف‪ ،‬وأنا أساوي أيامنا‪..‬‬                                   ‫هو الممكن الوحيد‪،‬‬
                                                                                   ‫وهو المتاح الوحيد‪،‬‬
       ‫أهزم التفاصيل واحدة واحدة‪ ،‬وهي ترمقني‬                                    ‫وهو الاحتمال الوحيد‪،‬‬
                                 ‫بنظرات متتالية‬
                                                                 ‫(‪ )2‬تكاشف‪..‬‬
     ‫‪ ،3 ،2 ،1‬مع مرور الوقت الذي عشناه‪ ،‬لم يعد‬
‫يدهشني كثي ًرا صمتها وحزني‪ ،‬كنت على شاكلة من‬          ‫أنا راحل في دمي‪ُ ..‬متعث ًرا‪ ،‬استوضحني واستمهل‬
                                                                           ‫الشرايين ليستمهلني دمي‪،‬‬
   ‫التردد والحيرة‪ ،‬رغم الارتباك‪ ،‬مع مرور الوقت‪،‬‬
 ‫بقت داخلي تلك السكينة الممتعضة‪ ،‬انتظار لا يبدله‬     ‫تقودني الطرقات‪ /‬فألمس جدران الذاكرة والوجوه‬
‫أية ريبة أو خوف‪ ،‬تتلاقي أقدامنا في الطريق تائهة‪،‬‬                              ‫الخبيئة‪ .‬تشدني رائحتها‬

   ‫كنا قد تركنا في جدران بيتنا المهدم ظلالنا عالقة‪.‬‬    ‫لما قالت‪ :‬دعني أفتش في ذاكرتي عن شيء يصح‬
                               ‫وصورة الزفاف‪..‬‬                                            ‫أن أقوله لك‪،‬‬

 ‫يأتي الصباح ويمحو كل شيء‪ ..‬أكد كل منا لنفسه‬               ‫ترتج مسامعي‪ ،‬وأتوقف عن النزف والنزيف‬
     ‫المنطقة التي غابت في انغمار الضوء‪ ،‬تتكاشف‬

‫النظرات المنزوية وتسكن الأصوات مكانها بانكسار‪.‬‬
‫مضت من أمامي بنظرة أليمة‪ ،‬لكنها لا تزال وحدها‬

     ‫التي أحاورها وأسمعها حين تغيب في دوائرنا‬
                      ‫المنعقدة فوق عالمنا الوحيد‪..‬‬
   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91