Page 109 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 109
يذهب بعضهم إلى القول إن النزوع نوال السعداوي
الأنثوي يندر وجوده عند الكاتبات الشخصية النسوية في الرواية الحداثية تج ّريم
المرأة كضحية لعالم اجتماعي فقدت فيه براءتها
العربيات المعاصرات ،بسبب نمطية
أو كجنس آخر يغوي ويغري في مسار ذي
الدور الكتابي المتاح لهن في ظل نهاية متجهة حت ًما نحو الموت.
الهيمنة الأبوية ،وإن وجد فعند إن الأساس النقدي لأنثوية النسوية هو أساس
ما بعد حداثي لا يهادن الذكورية ولا يدعي الظفر
أسماء شابة أو مغمورة دون الأسماء عليها ،ولكنه يح ّرض على الكتابة التي تثبت بطلان
الروائية الكبيرة والمعروفة.ونقول إن ادعاءات النقد الفحولي بازاء النسوية والجسد
المؤنث ،مستول ًدا واق ًعا نقد ًّيا جدي ًدا يغاير الرؤية
مسألة الندرة في وجود نزعة أنثوية
المهيمنة التي تحاول أن تثبت أن كل ما يسعى
في الكتابة النسوية ،قد يظل مغايًرا النقد النسوي إلى استظهاره هو ضرب من الأحلام
للحقيقة وقد يبدو جزاف ًّيا واطلاق ًّيا
الدونكيشوتية ،وأن المرأة ليس باستطاعتها
الشهرزادي ،كنموذج ثقافي أمومي وليس كنموذج استنطاق ذاتها وتمثيلها أنثو ًّيا ،وفي الوقت نفسه
جسدي اشتهائي. ليس بمقدورها إعلان خارقية ذلك التمثيل نسو ًّيا.
ليغدو النزوع الأنثوي في الكتابة النسوية ما بعد
تتأتى مشروعية النقد النسوي في مناهضته للنقد الحداثية ،بمثابة الصوت الذي يغرد داخل السرب،
الذكوري من الارتكان على منهجيات ونظريات وعندها لن تكون نوال السعداوي أنموذ ًجا فري ًدا
لن يتكرر أو ُيجارى أو يتعدد مستقب ًل ،بل ستغدو
واستراتيجيات وفاعليات لها صلة بمناحي الانجاب
والعذرية والأمومة والاحتواء ،وغيرها من المناحي الكتابة النسوية هي المالكة لفضاءات الإبداع
مع ّرية الفحولة ثقافيًّا ،لعلها تتنازل عن سلطتها
التي لا يعطيها النقد الذكوري أهميتها ،من باب كتابيًّا لصالح المرأة .لتغدو المكاشفة والمصارحة،
التعالي على الأنثوية ،متمنط ًقا بلغة التغليب وفاعلية
سلاحها في سبيل استرداد الجوهر الجنوسي
الإلغاء ،ناظ ًرا للأنثوية باشتهاء وإغواء كرحم الحقيقي للأنثوية .وما فاعلية الذاكرة في تعرية
وأثداء ووضعيات جنوسية تتوقف عليها أهمية
المرأة ،وتتلخص فيها واجباتها وفاعلياتها التي الجسد وقدرة العين على الغوص في مجاهيل
تنافي هويتها وتعيق أداءها لدورها الحقيقي ،علما الوعي المختبيء ،إلا قرائن تسمح بمعاينة الأنموذج
أن دور المرأة في المجتمع البدائي ما كان مقتص ًرا
على الإنجاب وتربية الأطفال والإرضاع ،بل اشتمل
أي ًضا على ديمومة الحياة بالدفاع وإثبات الوجود،
ولقد كانت “النساء المحاربات في القديم يقطعن
اثداءهن ليتخلصن من الأمومة بهدف حماية
المحاربين واتقا ًء لشر العدو وضما ًنا لمعيشتهن
ومعيشة أولادهن”( .)7وهذه النظرة إيجابية من
وجهة النظر النسوية ،لأنها تعمم الفعل الأمومي
ولا تحصره في الإخصاب ،بينما هي سلبية من