Page 111 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 111
نون النسوة 1 0 9
الدور الذي كانت المرأة ،في تاريخ الحكي الشفوي، وأن منها يتوالد أبناؤها ،وهي التي تحتضنهم عند
قد مارسته مؤكدة أسبقيتها سارد ًة وح ّكاء ًة ،كما موتهم؛ بل الكشوفات العلمية تثبت ذلك أي ًضا،
هي أسبقيتها كيا ًنا وصيرور ًة .وإذا آمنا أن الفن
انعكاس للحياة ،فسيترتب على تمثيل الأنثوية على لكن هذا التوكيد العلمي وذاك التفسير الميثولوجي
مستوى السرد انعكاس على مستوى الواقع ،فتكون والديني لا يستطيعان زحزحة النظرة البطريركية
الشخصية النسوية عاكس ًة لصورة المرأة الفاعلة
للمرأة التي تشكك في إمكانية أن يكون للأنثوية
التي تقتحم الحياة بجرأة وثبات ،والواعية التي مجال أمام الفحولية أو صوت يوازي صوت
تبغي إنجاز مشروع إبداعي نسوي يعطي قيمة الرجل.
لأنوثتها كي تضارع الذكورة ،ولعلها تتجاوزها
متغلبة على عصور سحيقة من الاستبداد والدونية، هكذا ُتغيَّب الأنثوية من خلال تكريس دعوى زيف
ليس هذا فحسب ،بل قد يعمم هذا المشروع النسوي التطلعات النسوية وأحقية الذكورية في إحلال
على الآخر فيغادر اعتداده باتجاه الانبهار لنجده
يمارس الكتابة النسوية بحذق عال وتبرير ثقافي نفسه مرك ًزا ثقافيًّا وأدبيًّا ولغو ًّيا .وليس من سبيل
خلاصته أنه إذا كانت النساء ،شواع َر وكاتبا ٍت ،قد إلى نفي ذلك كله ،إلا بالكتابة كإرادة تعمل على
مارسن الكتابة الذكورية دهو ًرا طويلة؛ فإن من
الجائز على الرجال ،شعرا ًء وكتا ًبا ،إنتاج كتابات إنزال الفكر منزل العاطفة ،وكاستراتيجية ما بعد
توصف بأنها نسوية .وهو ما اضطلع ويضطلع كولونيالية تجعل للنسوية أحقيتها في ثورتها على
بأدائه مبدعون متحررون من تزمت البطريركية، الزيف وانتفاضها على دكتاتورية البطريركية التي
غير آبهين للانقلاب على المنظومة الفحولية .وما استلبت الأنثوية واستبدت بها واستغلتها وكرست
يشهده راهننا القصصي والروائي العربي من
نزوع ما بعد حداثي ،لإشاعة فهم نسوي مغاير الذكورية وناصرتها ،بد ًءا من أفلاطون ومرو ًرا
للأنثوية هو توكيد لملمحية إبداعية أخذت تستقطب بابن السكيت والفراء وابن جني وفرويد وطروحاته
الأقلام الروائية نحو تمثيلات جديدة فيها للأنثوية
المماحكة لبعض التفسيرات الدينية عن نقص المرأة
قيمة واضحة وحضور ممتد وأصيل وعقدة الإخصاء والخطيئة ،وأن المرأة ضلع متفرع
من الرجل ،ووصو ًل إلى كارل يونغ ونظريته عن
الإينموس ،وأن في الأنوثة ذكورة ،وأن ازدواجية
الإنسان هي التي تعزز تتويج الذكورة متعالية على
الأنوثة.
وسرد ًّيا تمتلك الأديبة العربية منظورها النسوي
الخاص للأنثوية ،متى ما استطاعت أن تؤدي
الهوامش:
-1سيمون دي بوفوار :الجنس الآخر ،ترجمة لجنة من أساتذة الجامعة ،د .ت ،ص.44
-2مرسيا ألياد :المقدس والمدنس ،ترجمة عبد الهادي عباس ،دار دمشق للطبع والنشر والتوزيع ،دمشق ،1988 ،ص ،78ص.79
-3أناتول فرانس ،آراء أناتول فرانس :إعداد وترجمة عمر فاخوري ،مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ،مصر ،2012 ،ص.29
- 4بام موريس ،الأدب والنسوية ،ترجمة سهام عبد السلام ،مراجعة وتقديم سحر صبحي عبد الحكيم ،المجلس الأعلى للثقافة،
طبعة أولى ،القاهرة ،2002 ،ص.20
-5ذهبت بام موريس إلى تبني فكرة أن الكاتب الذكر يمكن أن يبدي أحيا ًنا في كتاباته ما يعد ثقافيًّا سمات مؤنثة ،وبالمثل يقال إن
الكاتبات الإناث تظهر لديهن أحيا ًنا سمات مذكرة ..لكنها لم تجزم بإمكانية أن تكون كل كتابات النساء منطلقة من منظور مؤنث،
ص.30 الأدب والنسوية، أو بأخرى .ينظر :بام موريس، و6ت-حفمرلانقزي ًمفاانموؤنن،ثةم،عذوبروبماالأرحتىض،قتدرلاجمتةكود.ن نسامسويياةلدبرطوربيقية
والنشر القاهرة، مدارات للابحاث ود.جمال الأتاسي ،طبعة ثانية، ،2015ص .167
-7سيمون دي بوفوار ،الجنس الآخر ،ص .36
-8إسماعيل مهنانة ،العرب ومسألة الاختلاف مأزق الهوية والأصل والنسيان ،دار الأمان ،الرباط ،طبعة أولى ،2014 ،ص-19
.20
-9ينظر :فرجينيا وولف ،غرفة تخص المرء وحده ،ترجمة سمية رمضان ،مكتبة مدبولي ،القاهرة ،طبعة أولى ،2009 ،ص 139وما
بعدها.
-10مرسيا إلياد ،المقدس والمدنس ،ص.52