Page 118 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 118

‫العـدد ‪24‬‬                               ‫‪116‬‬

                                           ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                                       ‫محمد جلال الأزهري‬

     ‫ال ِج ْنسان َّي ُة بين‬
‫الجاحظ والسيوط ِّي‬

 ‫العربية أواخر العصر الإسلام ِّي‬          ‫إ َّن ابتنا َء العر ِب للوجود من‬             ‫جلال الدين‬
                       ‫الوسيط‪.‬‬                                                          ‫السيوط ِّي‬
                                         ‫حولهم قائ ٌم ع َل تلك التعليلات‬
   ‫وع َل الرغم من أ َّن العر َب قبل‬    ‫التي تؤسس لفرص الوقوف ع َل‬
     ‫الإسلام‪ ،‬لا يمكن استنطاق‬           ‫ُك ْن ِه الأشياء وجواهرها‪ ،‬ولمَّا كان‬

   ‫نظريات كاملة لهم‪ ،‬من خلال‬             ‫التعبي ُر عندهم ‪-‬بلاغ ًة ون ْح ًوا‪-‬‬
     ‫الرواية والنقل؛ إلا أ َّن بعض‬         ‫مشغو ًل بالمعيارية‪ ،‬وبمذاهب‬

       ‫النقول التي اس ُتثني ْت‪ ،‬قد‬       ‫القيمة‪ ،‬ودلالات اللُّغ ِة؛ فقد كان‬
  ‫استطاع ْت أ ْن ترسم لنا صور ًة‬            ‫للفصل بين َو َح َدا ِت الوجود‬
‫لحقيقة رؤيتهم إلى الطبيع ِة‪ .‬يذكر‬
                                         ‫دو ٌر ما ِئ ٌز في استصدار وتقرير‬
    ‫ابن قتيبة الدينور ُّي (المتوفي‪:‬‬         ‫مذاهبهم للطبيعة‪ ،‬ثم ما تلا‬
  ‫‪276‬هـ)(‪ )1‬كيف أ َّن امرأة امرؤ‬
                                         ‫هاتيك العملية المعرفية من قيام‬
    ‫القيس ‪-‬فيما ُس ِّمي بمحاكمة‬         ‫ال ِّش ْع ِر العرب ِّي ‪-‬وكذا النثر‪ -‬ع َل‬
     ‫أم جندب‪ -‬كانت قد حكمت‬             ‫سوقه‪ ،‬وتدوير الطبيعة‪ ،‬ووصفها‬
    ‫لعلقمة بن عبدة ع َل زوجها!‬
   ‫حيث تبار َيا في وصف الخيل‪،‬‬             ‫ووصف أفرادها‪ ،‬داخل ما‬
    ‫شريطة أ ْن تكون الأبيات ع َل‬          ‫ُس ِّمي بأغراض ال ِّش ْع ِر‪.‬‬
 ‫رو ٍّي واحد وقافية واحدة‪ .‬فلقد‬           ‫كل ذلك كان استهلا ًل‬
   ‫كان لمحاكمة أم جندب بقي ًة في‬        ‫معرفيًّا‪ ،‬ذا أثر في الجس ِد‬
  ‫شرائط التعبير الفن ِّي فيما بع ُد‪،‬‬    ‫وتأويلاته؛ بد ًءا من فق ِه‬
    ‫ناهيك عن القضايا المأزومة‪،‬‬         ‫االلقجيمما ِة ِ‪،‬ل‪،‬ووحمترىواًرنافبأصاحكلام‬
 ‫مثل الغزل والتَّ ْشبِ ْي ِب في الشعر‬
‫إ َّبان الدولة الإسلامية في العصر‬            ‫الهامش عن المتن‪،‬‬
                                          ‫وانفراط عقد المركزية‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123