Page 120 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 120
العـدد 24 118
ديسمبر ٢٠٢٠
الصحيحة ،وإ َّنما كانت كتاباته بعث ما تفرق بين القبائل من في العشق شيئًا ليس من ُسنَّة
ذات ِج َّد ٍة وفراد ٍة ،فبالإضافة إلى الظرف ،ولا من أخلاق الظرفاء؛
دماء المسألة ،ويبدو أ َّن كليهما
كونه متمي ًزا في تآلفيه ،متفر ًدا حاولا تمرير مشاريع نقدية ذات وذلك أ َّن أحدهم متى ظفر
عن أقران عصره -حتى قيل: ثقل معرف ٍّي حينها ،فتمثلت تلك بحبيبه ،وأصاب الغفلة من رقيبه،
إ َّنه كتب بأسلو ٍب ومناه َج لم
ُيسبق إليها ،وإ َّنه كان ذا إبدا ٍع القضايا عند الجاحظ فيما يتعلق لم َيعف دون طلب الصفاء»(.)6
في وضعه لها -فقد استعرض بغلبة ال ِّش ْع ِر ع َل النثر ،ومدى ويظهر من كلام أبي الطيب ،أ َّن
الجاح ُظ مسائ َل الجنوسة وما استعداد اللغة لتدوير المطروح العر َب كان ْت تفصل بين عشق
الروح وبين الرغبة في الجسد،
تمس إليه الحاجة بالنسبة للمرأة؛ من القضايا في القرن الثالث
وقد آل ِت الأمو ُر بعد هذا إلى
في منهج واضح ،مستخد ًما الهجر ِّي ،والاعتبار لمسائل اللفظ اختلاط الأمرين م ًعا ،وهو مذهب
التبوي َب والتفصيل لتلك المسائل، والإعجاز ،وهي تلك المسائل التي ذوي الخلاعة والمجون ،مما حدا
أفرد لها المعتزل ُة صفحا ٍت من
كما أ َّنه وضع لها مؤلفات بالمتأخرين إلى أ ْن يفاضلوا بين
مستقلة ،فلم يعمد إلى الأقنعة تاريخهم النقد ِّي؛ أي ًضا تمثلت العشق وبين الجماع ،كما سنبين
تلك القضايا عند جلال الدين
البلاغية ،ولا إلى الكنايات ،مبتع ًدا لاح ًقا!
عن رطانات الفقهاء ،ومناهجهم. عن مفهوم الجدسيي ٍدولطلاِّي،صفيطلاالبحاحتث ثم إ َّن المرحلة الأدق ،والمعالجة
المعرفية،
لقد ض َّمن الجاح ُظ كتاباته عن الأظهر ،كانت ع َل ي ِد عالمين
التزاوج عند الحيوان وكذا وحقيقة صناعة التحرير والبيان موسوعيين ،هما :أبو عثمان
عند النبات؛ مسائ َل الجن ِس الجاحظ (المتوفى255 :هـ)،
في التراث الإسلام ِّي ،وناهيك وأبو الفضل السيوط ُّي (المتوفى:
عند الإنسا ِن ،وقد أضح ْت تلك عن كون السيوط ِّي فقي ًها وباحثًا
الكتابات جذو ًرا معرفية لمن ثور ًّيا ،فقد نال حظوة في مجال 911هـ) .والاثنا ِن أسهما
بحث بعده في قضايا الجنس الدراسات التقليدية ،مثل بحوث بشكل بائن في معالجة قضايا
عند العر ِب ،لك َّن الاستقلا َل الجنسانية ،ولم يلتزما تلك الرؤية
التأصيل الفقه ِّي ،والمعالجات المركزية ،القائمة ع َل الترميز
األتخأذليفح ِّ َّيظه،عندو َبه َل َفغيمبهلذغههالفقي كضاتايابهقد اللغوية ،والتفسير بالمأثور. الفقه ِّي نو ًعا ما ،والاختباء خلف
(مفاخرة الجواري والغلمان)،
غير أ َّن أبا عثمان الجاحظ لم المجاز ،ووراء ك َّمامات اللغة
وربما مال الجاح ُظ هنا في ديباجة يتترس خلف مناهج التأليف والمعنى ،وإ َّنما استفا َضا وأعا َدا
كتابه إلى التأكيد ع َل إسلامية
الفقه ِّي ،المعزوة إلى القرآن
فكرة ذكر أمثال الكريم ،والسنة النبوية
هذه القضايا،
من خلال
التقعيد لها بذكر
آثار ومرويات
تتضمن ألفاظها
إباح ًة وبذاء ًة
بالنسبة إلى
المعايير الفقهي ِة،
غير أ َّنه لم يعط
لهذا البحث
قيمته العلمية