Page 125 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 125

‫‪123‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫فقد شبهت عملية الجنس بالحرث‬               ‫َي َت َط َّه ُرو َن»‪ .‬وفي هذه الآيات نجد‬    ‫عريانة وعارية» (سفر حزقيال‪،‬‬
‫الذي يتطلب مهارة وعل ًما ومتابعة‬           ‫المفردة الجنسية حاضرة بشكل‬                        ‫الإصحاح ‪ 16‬الآية ‪.)35‬‬

   ‫وتعه ًدا‪ ،‬وأي ًضا ارتبا ًطا عاطفيًّا‬      ‫مكثف‪ :‬إتيان‪ ،‬شهوة‪ ،‬ذكران‪،‬‬                 ‫‪ -2‬القرآن الكريم‪:‬‬
      ‫ووجدانيًّا كما يرتبط الفلاح‬               ‫النساء‪ ،‬مراودة‪ ،‬الفاحشة‪،‬‬
                                                                                      ‫القرآن الكريم حافل بالعديد من‬
  ‫بالأرض‪ ،‬كما أنها جعلت العملية‬              ‫الفضيحة‪ ،‬الطهرانية‪ ،‬الرجال‪،‬‬               ‫المفردات ذات الحمولة الجنسية‬
  ‫غير محددة لا بزمان ولا بمكان‬                ‫الحب‪ ،‬الشغف‪ ،‬القبل‪ ،‬الدبر‪.‬‬
                                              ‫ونجد أي ًضا ق ّصة يوسف في‬                 ‫المباشرة أو المدلولات الرمزية‬
      ‫ولا بوضعيات معينة‪« ،‬أ َّنى‬           ‫القرآن‪ ،‬نموذ ًجا بار ًزا في مجال‬          ‫الإيحائية من قبيل النكاح‪ ،‬الزنى‪،‬‬
  ‫شئتم» أي متى وكيف‪« ،‬وقدموا‬                ‫احتفال إلهي بالجنس وإن من‬                ‫الفاحشة‪ ،‬الفرج‪ ،‬المني‪ ،‬المباشرة‪،‬‬
                                            ‫خلال مقاومة الل ّذة والانتصار‬             ‫اللمس‪ ،‬الرفث‪ ،‬البغاء‪ ،‬المعاشرة‪،‬‬
   ‫لأنفسكم» أي حث على المداعبة‬                ‫للتع ّفف‪ ،‬لأن نقد ال ّظاهرة لا‬
       ‫للجسد في مواضع أخرى‪.‬‬                 ‫يعني أب ًدا إقصاءها نهائيًّا‪ ،‬قدر‬         ‫البكارة‪ .‬وقد وردت في سياقات‬
                                         ‫الاعتراف بها وبشرعيّة وجودها‪،‬‬              ‫أربعة حسب الباحث سعيد مولاي‬
  ‫الخطاب القرآني خلال معالجته‬              ‫فتحول الجسد في ق ّصة يوسف‬
  ‫للسياقات السابقة‪ ،‬قام باختيار‬           ‫إلى مدخل لا للح ّب والعشق فقط‬                                   ‫التاج هي‪:‬‬
                                           ‫وإ ّنما للإغراء والحاجة الجنسيّة‬            ‫السياق التشريعي‪ :‬من خلال‬
     ‫دقيق للمفردة الجنسية‪ ،‬غير‬                                                         ‫آيات الحلال والحرام‪ ،‬إننا نجد‬
‫الخادشة للحياء‪ ،‬بلغة حية؛ تساعد‬                                   ‫أي ًضا‪.‬‬
                                          ‫في الوقت الذي استخدمت زليخة‬                     ‫أن ممارسة الجنس مؤطرة‬
        ‫على توصيل المعنى المراد‪.‬‬                                                        ‫بمصطلحين كبيرين متقابلين‬
                                              ‫جسدها لإغواء يوسف عليه‬                   ‫يرسمان حدود الفعل الجنسي‪،‬‬
  ‫ثانيا‪ :‬الجنس ضمن‬                       ‫السلام نجد في موضع أخرى من‬                 ‫هما النكاح والزنا المتكرران بشكل‬
  ‫الرؤية الإسلامية في‬                    ‫القرآن الكريم إعجاب ابنة شعيب‬                   ‫لافت في النصوص القرآنية‪:‬‬
                                                                                          ‫«الزاني لا ينكح إلا زانية َأو‬
     ‫السنة النبوية‪:‬‬                          ‫بجسد موسى القو ّي الأمين‪،‬‬              ‫مشركة والزانية لا ينكحها إِلا زا ٍن‬
                                          ‫التي اختلفت مع امرأة العزيز في‬             ‫َأو مشرك» وفي موضع أخر « َول َا‬
     ‫سنذكر بعض الأحاديث التي‬              ‫مستوى توجيه هذا الإعجاب إلى‬               ‫َت ْق َر ُبواْ ا ْل َف َوا ِح َش َما َظ َه َر ِم ْن َها َو َما‬
       ‫وردت في صحيح البخاري‬
                                             ‫إيقاع جنسي‪ ،‬إ ّنما وجهته إلى‬                                    ‫َب َط َن»‪.‬‬
    ‫ومسلم كمحاولة لمقاربة نظرة‬              ‫خطاب لغوي محكوم بالتّوازن‬                ‫السياق العلمي‪ :‬من خلال آيات‬
     ‫الجنس من خلال الممارسات‬                ‫الأخلاقي الذي يفتقر إلى الفتنة‬          ‫الخلق والنشأة «أنه خلق الزوجين‬
‫الفعلية في حياة النبي عليه الصلاة‬        ‫والإغراء‪« :‬فجاءته إحداهما تمشي‬             ‫الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى»‪،‬‬
    ‫والسلام‪ ،‬وكيف كان التعامل‬            ‫على استحياء قالت‪ :‬إ ّن أبي يدعوك‬            ‫ونجد هذه الآية أي ًضا‪« :‬قالت أنى‬
     ‫معها بوضوح وشفافية دون‬                                                         ‫يكون لي غلام ولم يمسسني بشر‬
‫تجاهلها أو التنكر لها‪ ،‬بل كان يتم‬             ‫ليجزيك أجر ما سقيت لنا»‪.‬‬
 ‫معالجتها بحكمة في ضوء مراعاة‬                   ‫السياق اللغوي‪ :‬عفة في‬                                ‫ولم أكن بغيًا»‪.‬‬
     ‫طبيعية النفس البشرية منها‪:‬‬                                                         ‫السياق التاريخي‪ :‬من خلال‬
  ‫الحديث الذى رواه البخاري عن‬                ‫اللفظ وانتقائية بالغة وتكثيف‬            ‫القصص القرآني‪َ « :‬و ُلو ًطا إِ ْذ َقا َل‬
   ‫عبد الله بن عمر قال «ذكر عمر‬            ‫للمصطلح‪« :‬نساؤكم حرث لكم‬                 ‫لِِب َقَه ْاو ِم ِم ِه ْن َأ َتَأ ْأ َ ُتح ٍدو َنِّماَنل َفاال َِعحا َ َلِشْي َةَن َإمِاَّن ُك َمس َب َق ُك ْم‬
 ‫بن الخطاب للرسول بأنه تصيبه‬               ‫فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا‬                 ‫َل َت ْأ ُتو َن ال ِّر َجا َل َش ْه َو ًة ِّم ْن ُدو ِن‬
‫الجنابة من الليل‪ ،‬فقال له الرسول‬                                                     ‫ا َولنَِّماساَك ِءا َ َنب ْل َجَأ َْنواُت َمب َق َقْوْو ٌم ِم ِهُّمإ ْلساَّ ِر َأ ُف ْنو َ َنقا ُلوا‬
   ‫(ص)‪ :‬توضأ واغسل ذكرك ثم‬                    ‫لأنفسكم واتقوا الله واعلموا‬            ‫َأ ْخ ِر ُجو ُهم ِّم ْن َق ْر َيتِ ُك ْم إِ َّن ُه ْم أُ َنا ٌس‬
                                             ‫أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين»‪.‬‬
                           ‫نم»‪.‬‬            ‫هذه الآية مث ًل جمعت كل فنون‬
      ‫الحديث الذي رواه البخاري‬              ‫وضروب الجنس بأسلوب فيه‬
 ‫ومسلم عن أبى بن كعب «قال‪ :‬يا‬               ‫كناية ومجاز في سياق عبادي‪،‬‬
‫رسول الله‪ ،‬إذا جامع الرجل المرأة‬
     ‫فلم ينزل‪ ،‬قال يغسل ما مس‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130