Page 129 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 129
127 تجديد الخطاب
الجدير بالذكر هنا أن الغرب وفي كتابه «شقائق الأترك في بغرض توضيح فوائد ممارسة
استفاد من هذه الكتب قبلنا؛ رقائق الغنج» ،يصف السيوطي الجنس عند العرب ،باعتباره
بسبب الحصول على مخطوطاتها يبين للعاشقين السبيل في
قبل أن تصل إلى محققينا ودور العلاقة الحميميّة بين الرجل
نشرنا ،فيذكر محقق كتاب والمرأة دون أن يتصف أسلوبه كيفية استمالة النساء ،وتحصيل
«تحفة العروس» أن هذا الكتاب بالفجاجة والانحطاط في تناول أكبر قدر من اللذة والاستمتاع
أول ما ترجم إلى الفرنسية عام بالمرأة؛ لأنها في حاجة دائ ًما إلى
1848ثم إلى الإنجليزية وبعدها هذا الموضوع الشائك؛ نجده من يحتويها ويريحها ويمتعها
إلى الألمانية ،فيما صدرت الطبعة يتناول في هذا الكتاب في بابه فقط ،وأي ًضا قام بالإفصاح
الأول «اجتذاب مودات النساء» عن أسماء الفروج وأنواع
العربية الأولى عام .1881 ثلاثة فصول ،الأول :ما تحبه النكاح مدع ًما ذلك بأحاديث عن
أخي ًرا ،علينا أن نعتز بتراثنا النساء وما تبغضه ،والثاني: الرسول (ص) وصحابته ،وفي
الإسلامي بكل جوانبه ونحاول أدب الحديث والقبل ،والثالث: نهاية كتابه ذكر أن ابن عمر
التنقيب في جانبه المسكوت عنه أدب الفراش (عدم النظر إلى أبرز زهاد الصحابة كان يفطر
وهو الجانب الجنسي ودراسته، الآخر حال الجماع ،الغنج من من الصوم على الجماع قبل
ربما يساعدنا هذا على الخروج الأكل وقبل صلاة المغرب ،وأن
من سجن التابوهات والعيب المرأة حال الجماع). الإمام علي بن أبي طالب نكح
والحرام الذي وضعونا فيه، امرأة بعد وفاة فاطمة بسبع
كنا أمة منفتحة ما الذي حدث؟! خاتمة: ليال ،وأن الحسن ابنه كان
أصبحنا ننغلق شيئًا فشيئًا على منكا ًحا ونكح ما بين -200
أنفسنا ،وبيد كل واحد بندقية بمقاييس هذا العصر ،كل هذه 700امرأة.
يصوبها نحو أفكاره ،ندفن الكتب التراثية الإسلاميّة ،هي ويعتبر كتاب «نواضر الأيك»،
داخلنا رغباتنا ال ّشرعيّة المكبوتة كتب إباحية ،تتناول موضوع ملخ ًصا لكتاب «الوشاح في
وهي حية ،دون أن نتعرف عليها هو أحد الثالوث الشرقي المحرم
ونتعامل معها بشك ٍل صح ّي، فوائد النكاح” ،ويدور موضوعه
وهذا المناخ كله بالتأكيد ينعكس (الجنس ،السلطة ،والدين). حول الجنس والأوضاع
الانفتاح والحرية التي اتسمت
على أي كاتب وعلى أفكاره بها الحقبة الاسلاميّة القديمة، الجنسية .ولم يجد السيوطي
وطريقة تناوله للجنس في أي حر ًجا في تسمية الأشياء
دليل على ما كان عليه الفكر بأسمائها ،فهو صريح في
عمل أدب ّي. الإسلامي آنذاك .الإسلام لم
في اللغة العربية يوجد نحو يمنع الحديث عن الجنس ولم استخدام اللفظ الدال على أعضاء
تسعمائة مصطلح للتعبير عن يوبخ المتحدثين فيه ،في الوقت الجهاز الجنسي للذكر والأنثى
الممارسة الجنسية وحدها ،وأن الذي وصلنا نحن إلى إخراج والمستخدم في الكلام العام ،كما
بعض المؤلفات التي تم ذكرها أنه صريح بتلفظ أسماء العملية
في المقال تم كتابتها بطلب من الموضوع من حياتنا تما ًما، الجنسية ووصفها وص ًفا كام ًل
السلاطين والأمراء -السلطة والتعامل معه كأنه فضيحة لا وصري ًحا.
الحاكمة -مما يجعلك تطرح بد من التكتم عليها ،وعورة لاب ّد وكتاب «رشف الزلال من
تساؤلات عديدة عن أسباب السحر الحلال» هو عبارة عن
التحولات والتغيرات التي بدأت من سترها. عشرين مقالة على لسان واحد
في القرن التاسع عشر ووصلت كان عليَّ أن أكون حياد ّية حين وعشرين عالمًا تزوج كل منهم
أتناول موضو ًعا كهذا ،بالطبع ووصف كل ليلته مور ًيا بألفاظ
ذروتها اليوم لن أتناوله بضوابط العصر الذي فنه».
أعيشه؛ بل سأتناوله بمفردات
زمانه ومعطياته ،حتى لا أظلم
أنا ٌس كتبوا في الثقافة الجنسيّة
وفق متطلبات عصرهم وثقافته
السائدة.