Page 122 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 122

‫ماء الرجل بماء المرأة‪ ،‬وما‬                     ‫ض َّمن الجاح ُظ كتاباته عن التزاوج‬
    ‫فيه من اتفاق الزوجي ِن؛ ولقد‬                 ‫عند الحيوان وكذا عند النبات؛ مسائ َل‬

‫استعمل السيوط ُّي في هذا الكتاب‬                 ‫الجن ِس عند الإنسا ِن‪ ،‬وقد أضح ْت جذوًرا‬
 ‫نه ًجا تقليد ًّيا‪ ،‬وجعله ع َل مقدمة‬                 ‫معرفية لمن بحث بعده في قضايا‬
                                                    ‫الجنس عند العر ِب‪ ،‬لك َّن الاستقلا َل‬
     ‫وخاتمة‪ ،‬وبسط له النقل من‬                       ‫التأليف ِّي عنده فيها أخذ ح َّظه‪ ،‬و َبَل َغ‬
  ‫كتب الأد ِب‪ ،‬ولعل في هذا المنهج‬                    ‫مبلغه في كتابه (مفاخرة الجواري‬
                                                   ‫والغلمان)‪،‬ومال الجاح ُظ في ديباجة‬
‫هرو ًبا من النقد اللاذع والمناكدات‬
    ‫المتبادلة بينه وبين معاصريه‬                  ‫كتابه إلى التأكيد عَلى إسلامية فكرة‬

    ‫‪-‬خصو ًصا السخاو َّي المؤرخ‬                                    ‫ذكر أمثال هذه القضايا‬
 ‫(المتوفى‪902 :‬هـ)‪ -‬ومن َث َّم‪ ،‬لم‬
                                         ‫المقارنات بين العشق والجماع‪،‬‬              ‫ونواضر الأيك هو كتا ٌب ذو‬
   ‫يرد جلال الدين السيوط ُّي أ ْن‬                                               ‫وص ٍف وتفصيل‪ ،‬كانا شديد ْي‬
 ‫ُيفسح المجال لهم في الأخذ عليه‬              ‫وكأ َّنه لا يريد التماهي مع‬       ‫الخصوبة‪ ،‬فلكثرة التفاصيل كاد‬
                                          ‫فرضية ابن حزم في الوقوف‬
                ‫والانتقاص منه‪.‬‬                                                ‫الك َتا ُب أ ْن ُيغني الباح َث في البحث‬
                                             ‫على ح ِّد العش ِق فقط‪ ،‬وإ َّنما‬              ‫عن مثي ٍل له في بابه!‬
  ‫ومن هنا‪ ،‬فإ َّن الجاحظ قد أماط‬         ‫أراد أ ْن يجعل من الكتاب وعا ًء‬
    ‫اللثام عن الجنس ومترادفاته‬                                                ‫إ َّن أبا الفضل السيوط ِّي قد التزم‬
   ‫في المنتج العرب ِّي الجاهليِّ‪ ،‬وما‬         ‫لأمرين متممين لبعضهما‬                 ‫الحياد اللُّغو َّي ‪-‬إ ْن جاز لنا‬

 ‫بعده في الحقبة الإسلامية؛ وأ َّما‬       ‫بع ًضا‪ ،‬وهما‪ :‬العشق والجنس؛‬             ‫التعبير‪ -‬وعليه‪ ،‬فقد استأنس‬
   ‫السيوط ُّي فقد أعاد تدويره في‬         ‫باعتبارهما مكونين متلازمين‪،‬‬               ‫بالتعريفات اللُّغوية‪ ،‬قبل أ ْن‬
                                          ‫مقدم ًة ونتيج ًة‪ .‬وفي أثناء ذلك‬
‫صورة فقهية ترتبط بمدى الجهد‬                                                    ‫يشرع في بيان المقصود‪ ،‬واض ًعا‬
                                            ‫ربما ذكر فوائد طبية تتعلق‬           ‫ح ًّدا للعشق‪ ،‬ولعلامات ِه؛ وعاق ًدا‬
      ‫العلمي ِّ المبذول ‪-‬ساعتئذ‪-‬‬
     ‫وتتفق مع المؤسسة الثقافية‬           ‫بالجماع‪ ،‬مثلما تكلم عن التقاء‬

  ‫الحاكمة‪ ،‬وهو في ذلك يستعمل‬
  ‫اللُّغ َة‪ ،‬ويعقد المقارنا ِت‪ ،‬محاو ًل‬

‫الابتعاد عن الرفاهية العلمية التي‬
   ‫بد ْت واضح ًة في تنظيرات أبي‬
                 ‫عثمان الجاحظ‬

                                                                                                                  ‫الهوامش‪:‬‬
                                                                              ‫‪ -1‬الشعر والشعراء (‪.)212 /1‬‬

                                                                              ‫‪ -2‬عيون الأخبار (‪.)92 /4‬‬

‫والناس وال َّطير‪،‬‬                        ‫ك ُّل‬                                ‫‪ -3‬الأغاني (‪.)39 /21‬‬
‫العين (‪،)55 /6‬‬                           ‫أعم‬
                   ‫الشيء‬     ‫ضر ٍب من‬           ‫الجنس‪ .‬والجن ُس‪:‬‬  ‫ومالعصردوٌر ِضصناواعلأ ٌّي‪،‬شيامأء‪،‬خوو ُيذجممنع‬  ‫‪ -4‬الجنسانية‬
                   ‫ُينظ ُر‪:‬‬  ‫من النوع‪.‬‬          ‫ع َل أجناس‪ .‬وهو‬                                                   ‫وحدود النَّحو‬

                                                ‫الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (‪.)915 /3‬‬

                                                                  ‫‪ -5‬طوق الحمامة لابن حزم (ص‪.)268 :‬‬

                                                                              ‫‪ -6‬الموشى (ص‪.)97 :‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127