Page 119 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 119
117 تجديد الخطاب
الفقهية للتواصل الجسد ِّي داخل ويبدو أ َّن هذه الرؤية الجسدية الأمو ِّي ثم العباس ِّي؛ بل ويمكننا
حدود أحكام الزواج؛ فقد أفرد لم تكن حا ًل عام ًة بين قبائلهم القول أي ًضا ،مثل قضايا الجنس
وعوائلهم ،فقد ذكر أبو الفرج في الرواية المعاصرة .إ َّن حكومة
في آخر الكتاب با ًبا تحت عنوان: الأسجاصفًحاهاانل ُّتيمي(المميتةوافدى:ع ِ6ت ا5لن3بهوـ َة) ،أ َّن
قبح المعصية؛ مشي ًرا إلى قوتين وع َل إثر هذا اجتمعت بم َّد ٍع آخر أم جندب قض ْت للجس ِد في
متعارضتين في الإنسان قد ُر ِّك َبا صورت ِه البِكر ،إذ لم يعبأ زو ُجها
للنبوة وهو مسيلمة الكذاب،
فيه. ثم إ َّنه واقعها ،فقالت ضمن ما شي ُخ الشعرا ِء بجسد الفرس،
أ َّما الأولى :فهي العقل. قالت« :إ َّن مثلي لا يجري أمرها وهو يلهبه بالسوط ،ويوكزه
وأ َّما الآخرة :فهي النفس ذات هكذا فيكون وصمة ع َل قومي بالدرة ،كما أ َّن صاحب (الشعر
وع َلَّ؛ ولكني مسلمة النبو َة إلي َك،
الشهوة. فاخطبني إلى أوليائي يزوجوك، والشعراء) ذكر بع ًدا ثانيًا
وارتأى أ َّن «في كل جسد منهما للقضي ِةَ ،ي ِشي بنوع من الجنوح
ثم أقود تمي ًما معك»(.)3 ناحية الجسد بشكل غير مباشر؛
حظه ع َل قدر مقابلته لهما في وعليه ،فإ َّن َث َب َت المصاد ِر أو ]
تقدير الواحد الصمد -تقدس ْت إذ علَّل قضا َء أم جندب بأ َّنها
بيلوجرافيا[ قضايا الجنس كانت تتع َّشق علقم َة بن عبدة،
أسماؤه! -حين خلقه وهيأه؛ داخل التراث العرب ِّي تمنحنا والذي ُس ِّمي فيما بعد بعلقمة
فهما يتقابلان أب ًدا ويتنازعان رؤي ًة وتعطينا خبر ًة بعيد ًة الفحل؛ ولذا ،فقد طلقها امرؤ
في الكشف عن هذه النظرات
دأ ًبا ،فإذا غلب العق ُل النف َس الجسدية؛ فالمصادر التراثية القيس ع َل الفو ِر.
ارتدع الإنسا ُن وقمع عوارضه للجسد ولطبيعته حضور خا ٌّص
يمكن أ ْن تمنحنا مزي ًدا من
المدخولة واستضاء بنور الله الإيضاح لما ا ْس ُتغلِ َق ،أو أ َّنها في العقل العرب ِّي ،ثم بعد ذلك
واتبع العدل ،وإذا غلب ِت النف ُس تفصح دون مواربة عن الصورة في قراره في باطن تراثه المعرف ِّي،
العق َل عميت البصير ُة ،ولم يتضح الكلية للجنس عند العرب ،أو ما ليتخذ منه الشعرا ُء و َك َت َب ُة النث ِر
ُيعرف الآن بالجنسانية( )4فإ َّن
الفرق بين الحسن والقبيح، الأصفهان َّي ذكر من هذا الضرب ماد ًة لكتبهم؛ ومن َث َّم ،فإ َّن
وعظم الالتبا ُس ،وتردى في كثي ًرا ،بين شعب كتابه (الأغاني) الجس َد وهوامشه يكشفا ِن دون
هوة الردى ومهواة الهلكة، غير أ َّن أشهر وأول من جمع ما
وبهذا حسن الأمر والنهي، يتعلق بقضايا الجسد في مؤلف َل ْب ٍس عن المخيال الشعب ِّي في
ووجب الامتثال ،وصح الثواب مستقل؛ هو الإمام الظاهر ُّي ابن العقل الجمع ِّي العرب ِّي ،والذي
والعقاب ،واستحق الجزاء»(.)5 حزم الأندلس ُّي (المتوفى456 :هـ) قد َق َّر ْت في داخله صور ٌة ذات
بعد ذلك يعقب ع َل هذا ببا ٍب أي :كتابه طوق الحمامة في
أخي ٍر ،تحت عنوان :فصل في الألفة والألاف ،وهو وإ ْن كان لم انعكاسات متباينة؛ فالجسد
التعفف؛ وهو باب يشبه أبواب يتعرض إلى الجسد في صورت ِه يستتبعه الجن ُس ،ويتداخل
كتب الفقه ،من حيث الح ِّض المباشرة ،إلا أ َّنه قد أفرد أبحا ًثا معهما ثال ٌث ألا وهو العشق أو
ع َل العف ِة ،والتحصن بكلام في ما يحدثه العش ُق من آثار ] ال ُح ُّب باعتباره سببًا في التناكح
الله؛ وتلك الطريقة في معالجة فسيولوجية[ واضحة ع َل أجساد والتلاقح الجسد ِّي؛ والعرب
قضايا الجنس عند ابن حزم، المحبين ،وقد كان كتا ًبا ثور ًّيا في هنا تستطيع التفريق بين تلك
كان قد سبقه إليها أبو الطيب زمانه وفي وأطروحاته ،سوى الأوجه الجسدية؛ ففي كتاب
الو َّشاء (المتوفى325 :هـ) حيث أ َّن اب َن حزم يؤكد ع َل الرؤية (عيون الأخبار) قال رج ٌل
قال« :واعلم بأ َّن العش َق َيح ُس ُن لأعراب ٍّي« :ما ال ِّزنا عندكم؟ قال:
بأهل الع ّفة والوفاء ،ويقب ُح بأهل القبلة والض َّمة .قال :ليس هذا
العهر وال َخنى ،مع أ َّن الهوى زنا عندنا .قال :فما هو؟ قال:
قد فسد وق َّل الوفا ُء وك ُثرت أ ْن يجلس بين شعبها الأربع،
الخيانة والغدر ،واستعمل النا ُس ثم يجهد نفسه .فقال الأعراب ُّي:
ليس هذا زنا ،هذا طالب ولد»(.)2