Page 123 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 123

‫‪121‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

        ‫سمر لاشين‬

     ‫تقديس التراث الإسلامي‬
     ‫دون جانبه الجنسي‬

   ‫بعد تحقيقها ونشرها‪ ،‬من قبل‬           ‫شغل حي ًزا كبي ًرا من تراثهم؟‬      ‫الجنس الذي كان الحديث‬
‫المتخصصين والباحثين‪ ،‬وجد أنها‬       ‫والسؤال الأهم‪ :‬كيف امتلك كتاب‬
                                                                          ‫فيه أم ًرا عاد ًّيا ومطرو ًحا بحر ّية‬
               ‫تتضمن ما يأتي‪:‬‬            ‫ذاك الزمان تحت ظل تطبيق‬         ‫في الحقبة الإسلاميّة القديمة على‬
    ‫‪ -‬الآيات القرآنيّة‪ ،‬والأحاديث‬      ‫الشريعة الإسلاميّة تلك الحر ّية‬
   ‫النبو ّية الشريفة التي تحث على‬       ‫في التعبير والجرأة في الكتابة‪،‬‬     ‫عهد الصحابة رضى الله عنهم‬
‫الزواج‪ ،‬وقضايا الجنس ال ّشرعي‬         ‫التي يعجز عنها كتاب اليوم‪ ،‬في‬         ‫والتابعين‪ ،‬هو نفسه الآن أحد‬
                                    ‫عصر يتسم بالحر ّية والإمكانيات‬        ‫التابوهات المحرمة في المجتمعات‬
                 ‫وغير ال ّشرعي‪.‬‬        ‫التكنولوجيّة المذهلة؟ وكيف تم‬     ‫العربيّة‪ ،‬فما الذي حدث؟ وما س ّر‬
     ‫‪ -‬ال ِّشعر الذي تناول قضايا‬      ‫إنتاج هذا الكم الكبير من الأدب‬       ‫هذا التحول؟ ولماذا أصبح طرح‬
   ‫الجنس‪ ،‬بالإضافة إلى الطرائف‬        ‫والثقافة الجنسيّة البحتة قدي ًما‪،‬‬     ‫قضية الجنس من قبل النخبة‬
      ‫والحكايات وأخبار المحبين‬        ‫دون أن يعتبر هذا خد ًشا للحيا ِء‬       ‫والعامة على ح ٍّد سواء خطا ًبا‬
    ‫والعشاق ومن مارس العملية‬          ‫العام أو دعوة للفس ِق والفجور؟‬         ‫مشرو ًطا بالكتمان والمواربة‪،‬‬
‫الجنسيّة‪ ،‬بصورة شرعيّة أو غير‬                                               ‫ومصحو ًبا بالإحراج والنظرة‬
                                        ‫من ناحي ٍة أخرى أغلب مؤلفي‬
                       ‫شرعيّة‪.‬‬         ‫تلك الكتب‪ ،‬لم يجدوا حر ًجا في‬                 ‫الدونيّة لمن يطرحه؟‬
    ‫‪ -‬مفردات لغو ّية لك ّل الألفاظ‬     ‫تسمية الأشياء بأسمائها‪ ،‬فهم‬            ‫الفقهاء ورجال الدين الذين‬
     ‫المستخدمة لأسماء الأعضاء‬            ‫صريحون في استخدام اللفظ‬          ‫طرحوا موضوع الجنس على م ّر‬
  ‫الجنسيّة للرجل والمرأة‪ ،‬وكذلك‬      ‫الدال على أعضاء الجهاز الجنسي‬           ‫العصور انطلا ًقا من مبدأ «لا‬
 ‫أسماء العملية الجنسيّة وطرقها‪.‬‬                                          ‫حياء في الدين‪ ..‬لا حياء في العلم»‬
  ‫في ظل تلك المعطيات يمكن طرح‬            ‫للذكر والأنثى والمستخدم في‬        ‫من أمثال التجاني‪ ،‬والتيفاشي‪،‬‬
 ‫السؤال الآتي‪ :‬كيف يمكن لقارئ‬       ‫الكلام العام‪ ،‬أو ما نسميه بعورا ِت‬        ‫النفزاوي‪ ،‬والسيوطي‪ ،‬وابن‬
    ‫عربي اليوم أن يقرأ مثل هذه‬                                              ‫داوود‪ ،‬والشاطبي وأبي حامد‬
   ‫الكتب حول الجنس بحجة أنها‬              ‫الجسد‪ ،‬كما أنهم صريحون‬         ‫الغزالي وغيرهم؛ كانوا أكثر جرأة‬
 ‫كتب تراثيّة‪ ،‬ولا يضره وجودها‬           ‫بتلفظ أسماء العملية الجنسيّة‬        ‫منا اليوم‪ .‬السؤال الذي يطرح‬
   ‫في مكتبته بجوار كتب الحديث‬        ‫ووصفها وص ًفا كام ًل وصري ًحا‪،‬‬        ‫نفسه‪ :‬ما أسباب تجاهل العرب‬
 ‫النبوي والقرآن‪ ،‬وفي الوقت ذاته‬          ‫فعند إحصاء الكتب الجنسيّة‬           ‫المعاصرين لهذا الجانب الذي‬
                                       ‫التي وصلت إلى المكتبة العربيّة‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128