Page 151 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 151

‫حول العالم ‪1 4 9‬‬

     ‫لنوبة قلبية خفيفة‪ .‬وعند‬       ‫الأسلوب الأدبي‪ ،‬الذي ظل‬             ‫واينستين وأفيهو زاكاي‬
      ‫عودته إلى أمريكا‪ ،‬دخل‬         ‫لقرون يترنح بين الأبدية‬           ‫قد تمادا في الأمر‪ ،‬فوصفا‬
‫مصحة في والينجفورد بولاية‬       ‫وعرضية الوجود على الأرض‪.‬‬             ‫المقال بأنه جزء من «كفاح‬
   ‫كونيكتيكت‪ ،‬وتوفي يوم ‪13‬‬          ‫وربما كان أورباخ يسعى‬          ‫أورباخ الثقافي ضد فرضيات‬
‫أكتوبر ‪ ،1957‬قبل عيد ميلاده‬       ‫إلى قلب الفقه الألماني‪ ،‬إلا أن‬   ‫الفقه الآري وتفشي البربرية‬
     ‫الخامس والستين بثلاثة‬       ‫اهتمامه المحوري انصب على‬
                                 ‫التحولات التدريجية للواقعية‬                         ‫النازية»‪.‬‬
                    ‫أسابيع‪.‬‬      ‫المسيحية إلى الواقعية الأدبية‬      ‫كما أن كتاب «المحاكاة» على‬
‫وكان عندئذ قد اكتسب شهرة‬            ‫الحديثة‪ .‬وإن كانت هناك‬          ‫الأرجح قد استقى توجهاته‬
                                   ‫بعض الإشارات الخفية في‬          ‫أي ًضا من السياسات الثقافية‬
  ‫واسعة‪ ،‬بالمفهوم الأكاديمي‬         ‫كتاب «المحاكاة» أو بعض‬
   ‫على الأقل‪ ،‬فعندما زار عالم‬      ‫الكلمات الأكثر صراحة في‬               ‫الألمانية‪ ،‬فيقدم الفصل‬
 ‫فقه ألماني آخر اسمه أرنست‬         ‫نهاية الخاتمة (حيث يقول‬               ‫الأول للكتاب‪ ،‬بعنوان‬
                                    ‫«أرجو أن تصل دراستي‬              ‫«ندبة أوديسيوس»‪ ،‬والذي‬
     ‫روبرت كورتيوس‪ ،‬وهو‬             ‫إلى قرائي‪ ،‬سواء أصدقاء‬        ‫يضاهي الكتاب ‪ 19‬من ملحمة‬
     ‫مؤلف «الأدب الأوروبي‬         ‫السنوات البائتة‪ ،‬إن كانوا لا‬         ‫الأوديسا بقصة تضحية‬
‫والعصور الوسطى اللاتينية»‪،‬‬      ‫يزالون على قيد الحياة‪ ،‬أو من‬        ‫سيدنا إبراهيم بابنه إسحق‪،‬‬
 ‫علق بضجر قائ ًل‪« :‬لا يسمع‬      ‫كانوا هد ًفا من وراء تأليفه»)‪،‬‬       ‫توضي ًحا لأوجه الاختلاف‬
    ‫المرء تقريبًا عن أمر سوى‬     ‫التي تمس هذه المأساة‪ ،‬فإنها‬           ‫بين التوجه والتلفظ بين‬
     ‫«المحاكاة»»‪ .‬فقد استقبل‬                                         ‫ملحمة هوميروس والكتاب‬
       ‫ألفريد كازين وديلمور‬                  ‫لا تتجاوز هذا‪.‬‬         ‫المقدس العبري‪ .‬إلا أنه نظ ًرا‬
     ‫شوارتز الكتاب بحفاوة‪،‬‬           ‫وبعد أن وضعت الحرب‬              ‫لأن المناقشة تتمحور حول‬
      ‫وضمن ليونيل تريلينج‬           ‫أوزارها‪ ،‬رحل أورباخ إلى‬          ‫كبح جزع إسحق وابراهيم‬
  ‫الفصل الأول منه في مجلده‬            ‫الولايات المتحدة‪ ،‬حيث‬            ‫‪-‬وهو واحد من عدد من‬
  ‫المعنون «النقد الأدبي» الذي‬     ‫عمل بالتدريس أو ًل في كلية‬          ‫المشاهد الإنجيلية التي تم‬
   ‫صدر عام ‪ .1970‬وفي عام‬             ‫بنسيلفانيا الحكومية‪ ،‬ثم‬        ‫منعها في المدارس الألمانية‪-‬‬
   ‫‪ ،2003‬وبمناسبة اليوبيل‬         ‫في معهد الدراسات المتقدمة‬           ‫فإنه يمكن اعتبار الفصل‬
  ‫الخمسيني لصدور الترجمة‬           ‫ببرينستون‪ ،‬ومن ثم انتقل‬             ‫أي ًضا بأنه إيماءة أورباخ‬
‫الإنجليزية‪ ،‬كتب إدوارد سعيد‬        ‫عام ‪ 1950‬إلى جامعة ييل‪.‬‬          ‫للاستشهاد اليهودي‪ .‬ولعل‬
‫مقدمة للطبعة الجديدة‪ ،‬والتي‬          ‫وأصبح أورباخ وزوجته‬             ‫واحد على الأقل من باحثي‬
‫رشحها تيري ايجلتون ‪-‬وهو‬             ‫ماري من حاملي الجنسية‬         ‫أورباخ يستفيض في هذا أكثر‪،‬‬
 ‫من أهم كتاب النظرية الأدبية‬       ‫الأمريكية‪ ،‬لكنه ظل ‪-‬طب ًقا‬      ‫فيقول إن أورباخ كان «يتجه‬
‫ومروجيها‪ -‬في عرضه للكتاب‬        ‫لزميله رينيه ويلكيه‪ -‬مهاج ًرا‪،‬‬      ‫بالفقه في اتجاه لم يسمع به‬
    ‫في ‪London Review of‬‬           ‫وكأنه شخص ظلت حقائبه‬            ‫من قبل‪ :‬أي فقه يهودي جديد‬
                                 ‫جاهزة‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪،‬‬        ‫مقاوم حتى وإن كان ضمنيًّا»‪.‬‬
                   ‫‪.Books‬‬          ‫فعندما عرض عليه منصب‬                ‫ولكن كيف لنا أن نفصل‬
        ‫ومنذئذ‪ ،‬انطلق مجال‬        ‫كرسي في جامعة ماربورج‪،‬‬               ‫اليهودي عن عالم الفقه؟‬
  ‫فرعي ذو زخم حول أعمال‬              ‫اعتذر‪ ،‬وزار أوروبا عام‬            ‫لم يعر أي ناقد أدبي من‬
  ‫أورباخ‪ ،‬والتي تركزت حتى‬         ‫‪ 1956‬حيث أمضى الصيف‬                    ‫قبل مثل هذا الاهتمام‬
   ‫وقت قريب على أربعة كتب‬            ‫التالي في ألمانيا‪ ،‬وتعرض‬       ‫«بالجدلية الأخلاقية الغريبة‬
‫أساسية‪ ،‬وهي‪« :‬دانتي‪ :‬شاعر‬                                            ‫تلك للمسيحية»‪ ،‬وأثرها في‬
 ‫العالم العلماني»‪ ،‬و»المحاكاة»‬
     ‫ومجموعتين من المقالات‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156