Page 16 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 16
العـدد 24 14
ديسمبر ٢٠٢٠
إليها على أنها سطحية ومبتذلة ،بيد أن اللذة وهي على محك المراجعة وتحت تصور جديد للخطاب
شيء نسلم به اليوم تتضمن تجربة أوسع ،وأدل والنص ،فيرى بارت أنها بحاجة إلى أن تواجه
من مجرد إرضاء للذوق ،فلذة اللغة لم تقدر بشكل ببعض الإضاءات أو الاعترافات حولها ،ولذا
جدي ،أما الخطاب العلمي فقد ظل بمنأى عن ذلك، يوجهها ببعض الموجهات -أو هوامش على حد
إذ يقبل بالفكرة يلزمه التجرد من كل الامتيازات تعبيره -جديدة ،منها :أن العلاقات بين الذاتية
والموضوعية ،أو بالأحرى موقع الذات من عملها
التي تحيطه بها المؤسسة المجتمعية ،والقبول لم يعد كما كان زمن العلم الوضعي؛ فالموضوعية
بالدخول في تلك الحياة الأدبية ،وينتهي به الأمر إلى والصرامة صفتا العلم ،ما تزلان مثا َر جدل ،ولا
دعوة البنيوية إلى إماطة اللثام عن هذا التعارض بين نفع في إدانتهما أو تركهما ،لكن لا يمكن نقلهما
إلى الخطاب ،إلا أن يكون ذلك بشيء من الخداع،
العلم والأدب ،لما تمتلكه البنيوية من وعي باللغة، أو بطريقة محض كنائية ،تمزج الفطنة وتأثيرها،
قائ ًل« :لكن دور الأدب تحدي ًدا :أن يمثل ،على نحو فالخطاب لا يمكنه إقصاء الذات إلا بطريقة مسرحية
نشيط ،بالنسبة للمؤسسة العلمية ،ما ترفضه هذه؛ أو استعراضية .ومن جهة ثانية ،فالكتابة وحدها
تحقق اللغة في كليتها ،أما اللجوء للخطاب العلمي،
أعني سيادة اللغة ،وسليزم البنيوية أن تكون في بوصفه أداة للفكر ،فمعناه وجود حالة محايدة
وضع يسمح لها بإثارة هذه الفضيحة؛ لأن بإمكانها للغة ينشأ عنها الانزياحات والمحسنات ،وعدد من
اللغات الخاصة كاللغة الشعرية ،ويعتقد أن تكون
وحدها ،اليوم ،بحكم وعيها الحاد بالطبيعة اللغوية هذه الحالة المحايدة السنن المرجعي لكل اللغات،
للآثار البشرية أن تعيد طرح معضلة الوضع اللغوي ومعنى هذا أن الخطاب العلمي ينتحل سلطة تلزم
الكتابة تحدي ًدا بمعارضتها ،فالكتابة متضمنة قواها
للعلم ،فاعتبار موضوعها هو اللغة -كل اللغات- التدميرية الخاصة ،وينتج عن ذلك ،أن يكون بإمكان
فقد آلت ،من ذلك بسرعة إلى التحديد كلغة واصفة اللغة تحطيم الصورة اللاهوتية التي يفرضها العلم،
لثقافتنا .لكن يلزم تجاوز هذا الطور ،لأن تعارض رفض الرعب الأبوي الذي تنشره الحقيقة التعسفية
اللغات -الأشياء مع لغاتها الواصفة يظل في نهاية للمحتويات والاستدلالات« ،للكتابة وحدها ،أن
تعارض بين يقين العا ِل في حد تعبيره عن علمه وما
الأمر خاض ًعا لنموذج أبوي لعلم بدون لغة»(.)20
وينتهي بارت إلى أن الخطاب البنيوي نفسه -وهل كان يسميه
يمكنه أن يكون بنيو ًّيا على هذا النحو -بحاجة إلى لوتريامون
مراجعة جذرية ليكون منسج ًما تما ًما مع موضوعه
تواضع
الكاتب»(.)19
وثمة في
الأخير
هامش ثالث
بين العلم
والكتابة،
ينبغي
على العلم
استعادته،
هامش اللذة،
الذي ينظر