Page 208 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 208
العـدد 24 206
ديسمبر ٢٠٢٠
وتقدم نظرة أحادية للأحداث ،لو يروي أي منهم سيرته اللغة التي أتحدث بها وصارت
تقدمت أو تأخرت في العمر لكانت الشخصية؟ اللغة بالنسبة لي هي الهوية.
السيرة مختلفة .لو عشت في السيرة الذاتية لن تكون سيرة ربما لو لم تكن فلسطين محتلة
مكان غير الذي عشت فيه والذي الوطن بشكل كامل وإنما سيرة لما أصبحت شاع ًرا .كنت مقتن ًعا
تعرض لسلسة اعتداءات إسرائيلية إنسان عاش في وطن ما ،ربما أن الشعر سيوصلني إلى تحرير
وشهدت النكسة ربما كانت تضيء بع ًضا من جوانب هذا فلسطين .ربما لو نشأت في
الظروف مختلفة. الوطن ،ولكنها ليست سيرة كاملة، ظروف أخرى لتأخرت شاعريتي
أما عن مسألة الحذف فهناك وكما قال إدوارد سعيد :كل لأكثر من ذلك ،أو لاتجهت لفن
بعض الأشياء التي لا تستحق أن فلسطيني يحمل روايته الخاصة. آخر أو كتابة من نوع آخر.
تروى ،أبادر باستبعادها ،وهناك كنت أسمع المرويات والسرديات
الخاصة عن معاناة الفلسطيني في كان إيماني أن القصيدة عبارة
أي ًضا بعض الأشياء المؤلمة التي كل منطقة وكل ظرف ،فأدركت أن عن بندقية ستساعدني في رفع
تخص بعض الشخصيات تعمدت لكل فلسطيني حكايته الخاصة مع الظلم وتحرير البلاد لذلك ذهبت
اختلاف الظروف .هناك من عاش إلى الشعر .كنت موقنًا أن الكلمة
ألا أرويها لأنها تسبب حر ًجا تحت الاحتلال في فلسطين ،1948
لأبناء وأحفاد هذه الشخصيات. وهناك من عاش في غزة أو الضفة رصاصة -ربما هي فكرة
لا يمكن أن تكون السيرة دقيقة رومانسية ،-لكن هذا ما كنت
أو القدس أو في المنفى .كثير مقتن ًعا به في طفولتي .تلك الطفولة
أو حقيقية مائة بالمائة ،لكني من الفلسطينيين كتبوا سيرهم التي ُحشد فيها كثير من الأحداث
أحاول أن أكون أقرب إلى الحقيقة
الذاتية ،وهي سير جيدة مثل والذكريات والمعاناة وفقدان
في سرد التفاصيل .غايتي سيرة إحسان عباس ،وليد سيف، الأحلام وملعب الطفولة .هذه كلها
وهدفي إعادة إحياء هذه الطفولة إدوارد سعيد ،جبرا إبراهيم جبرا،
والذكريات ،وسوف أستكمل ذلك احتشدت دفعة واحدة في ذلك
حتى أصل لمرحلة الكتابة ثم فترة خيري منصور ،محمد القيسي.. الصبي الذي كنته وفعلت مفاعيلها
الاعتقال سواء في الأرض المحتلة وغيرهم .لكن كل سيرة تظل
أو في الأردن ودراستي وحياتي ناقصة لأنها تتحدث عن فرد فيما بعد.
هناك. الذكريات المحفورة في
ذاكرتك منذ نشأت ببلدة
“السموع” بالخليل حتى
تم احتلالها وهدمها على يد
الصهاينة ،لا تزال تحتفظ
بطزاجة طعم المرارة ولون
الدماء الطاهرة التي سالت
على أرضها ..كيف يمكن
أن تكون السيرة الذاتية
مرادفة لسيرة الوطن؟
وهل تمارس الحذف
والانتقاء متعم ًدا كما يفعل
عادة الكتاب العرب حين