Page 212 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 212

‫العـدد ‪24‬‬                         ‫‪210‬‬

                                    ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

 ‫استبدال تراث المفكرين الغربيين‬       ‫ربما يكون الأمر صعبًا‪ .‬أنا ضد‬       ‫وبين حداثة الشكل‬
  ‫به‪ ..‬أنا ابن ثقافتي ومع احترام‬    ‫القطيعة الكاملة الناجزة مع التراث‬    ‫الشعري‪ ..‬كيف تزاوج‬
   ‫هذه الثقافة‪ ،‬مع احترام الجمال‬                                         ‫بين الاتجاهين على ما‬
   ‫الموجود في هذا التراث ورفض‬            ‫السابق‪ .‬صحيح هناك أشياء‬          ‫يبدو من تناقضهما؟‬
                                     ‫غيبية قد تبدو مضحكة في تراثنا‬
     ‫الأشياء السلبية الضعيفة أو‬      ‫لكن هناك أشياء عظيمة ومفكرين‬             ‫أنا متشبث بلغتي ومتشبث‬
  ‫الركيكة أو غير المنطقية فيه‪ .‬من‬    ‫كبا ًرا؛ مث ًل الجاحظ كاتب عملاق‬       ‫بهويتي‪ ،‬وكذلك معجب بقول‬
  ‫هذا المنطلق أحاول دائ ًما الذهاب‬  ‫لم يدرس بشكل جيد‪ ،‬كتابات عبد‬        ‫الشاعر البرتغالي فرناندو بيساوا‬
                                                                        ‫إنه “إذا احتلت البرتغال لن أقلق‪،‬‬
     ‫للغد والمضي للأمام حتى في‬          ‫الجبار‪ ،‬النفري‪ ،‬السهروردي‪،‬‬        ‫ولكن إذا مست اللغة البرتغالية‬
‫الكتابة‪ ،‬أنا مؤمن أن الحياة تتطور‬   ‫الشعراء الكبار في الجاهلية وصدر‬
                                                                                              ‫سأقلق”‪.‬‬
 ‫وتذهب دائ ًما للأمام دون التخلي‬         ‫الإسلام‪ ،‬حتى في كتب الفقه‬        ‫انا متشبث بهويتي ولغتي لأني‬
                    ‫عن الماضي‪.‬‬         ‫والتشريع وعلم الفلك والعلوم‬     ‫أعتبرها جداري الأخير أو حصني‬
                                                                          ‫الأخير‪ ..‬إذا لا سمح الله فقدت‬
 ‫ترجمة بعض قصائدك‬                                          ‫الأخرى‪.‬‬
  ‫لأكثر من عشر لغات‬                       ‫الثقافة العربية غنية بأشياء‬       ‫هويتي أو فقدت لغتي انتهى‬
 ‫أجنبية‪ ،‬وما َحظي َت به‬                ‫متنوعة تم تجاهلها‪ ،‬هناك مث ًل‬         ‫وجودي‪ ،‬ليس الأمر فقط في‬
‫من جوائز عالمية مع غياب‬             ‫كتاب ابن وحشي الذي يكشف أنه‬            ‫أن فلسطين محتلة وتحريرها‬
 ‫مثيلاتها العربية أمران‬             ‫فك شفرات الهيروغليفية في حجر‬         ‫صعب؛ أنا أريد تحرير فلسطين‬
  ‫يحملان أكثر من دلالة‬              ‫رشيد‪ ،‬وأن الفرنسيين أخذوه عنه‬        ‫من باب لغتي وهويتي‪ ،‬من باب‬
  ‫أهمها البعد الإنساني‬                                                  ‫عروبتي‪ ،‬أريد لفلسطين أن تكون‬
   ‫الوجودي لمشروعك‬                                 ‫واعادوا ترجمته‪.‬‬     ‫عربية وأن تظل عربية؛ من هنا أنا‬
  ‫الشعري وقدرته على‬                  ‫لدينا في تراثنا مفكرون وفلاسفة‬       ‫متمسك ج ًّدا بالتراث لكن أي ًضا‬
  ‫مخاطبة الإنسان أينما‬                                                    ‫أتطلع لأساليب الكتابة الحديثة؛‬
  ‫كان‪ ..‬كيف استطعت‬                      ‫كبار مثل ابن رشد والفارابي‬         ‫أحب مواكبة الحياة المعاصرة‪،‬‬
  ‫الاحتفاظ بتلك الروح‬                     ‫والكندي وغيرهم‪ ،‬كل هذ لا‬       ‫لست رجعيًّا بمعنى الوقوف عند‬
‫الشعرية المتجددة المتقدة‬            ‫يجوز غض النظر عنه وتجاهله أو‬            ‫الماضي‪ ..‬أريد لهذا التراث ألا‬
‫رغم القيود والمعارك التي‬                                               ‫يتجمد في المكتبة وفي عقول البعض‬
 ‫فرضت عليك في محيطك‬                                                    ‫الماضويين‪ ،‬أريد من هذا التراث ان‬
                                                                        ‫يتحول‪ ..‬أن يذهب معي إلى الأمام‬
        ‫العربي؟‬
                                                                              ‫أن يكون معاص ًرا دون أن‬
                                                                                           ‫أفقد هويتي‪.‬‬

‫لم أخطط على الإطلاق لترجمة أي‬
‫قصيدة لي‪ ،‬لكن ربما ما ساعدني‬
‫كثي ًرا أنني لم أترك نفسي حبيس‬
‫فلسطينيتي‪ ،‬ولم تحد عروبتي من‬

   ‫نظرتي للبشرية ككل‪ .‬أنا أنظر‬
  ‫للإنسان بشكل عام بدون إطار‬

    ‫قومي أو ديني‪ ،‬وأذهب لأبعد‬
   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217