Page 214 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 214

‫العـدد ‪24‬‬                            ‫‪212‬‬

                                    ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

 ‫يتضمن قصائد في الحب‬                ‫هل رفعت في هذ الديوان‬                 ‫أقرب ما يكون إلى الشعر الحديث‪.‬‬
   ‫والإيروتيك‪ ..‬لكنها‬                ‫الراية البيضاء مستقب ًل‬               ‫لذلك غصت عمي ًقا في بعض كتب‬
  ‫أي ًضا لا تترك التاريخ‬             ‫العدم بدي ًل عن الأحلام‬               ‫المتصوفة رغم أني لست متدينًا‪.‬‬
    ‫دون أن تستدعي‬
                                        ‫التي لم تتحقق؟‬                       ‫أرى المعنى غيمة‪ ،‬ولا يمكن أن‬
 ‫شخوصه وتسائلها ولا‬                                                        ‫تقيم فوق غيمة؛ فالغيمة متحركة‬
 ‫الموروث دون أن تكشف‬                  ‫لم أرفع الراية البيضاء أب ًدا‪ ،‬لكن‬
‫تناقضاته‪ ..‬هل استطعت‬                ‫هذه نظرة ربما شعرية أو فلسفية‬             ‫يمكن أن تسقط مطرها في أي‬
 ‫أن تبوح بكل ما تريد في‬                                                       ‫مكان‪ ،‬والخاسر من يعتقد أن‬
  ‫هذا الديوان أم أن ثمة‬                ‫للوجود‪ ،‬وكثير من النقاد قالوا‬      ‫الغيمة صخرة ويتشبث بها‪ .‬أعتقد‬
 ‫قيو ًدا ذاتية تكبل خيالك‬           ‫إن فيها ح ًّسا مقاو ًما مختل ًفا حتى‬     ‫أن كل الأفكار في الحياة تشبه‬
                                                                           ‫الغيوم‪ ،‬حتى الإنسان نفسه ربما‬
         ‫وقلمك؟‬                        ‫عن العنوان‪ ..‬أنا لست خاض ًعا‬         ‫يكون مجرد ظلال تتداعى خلف‬
                                    ‫لأي شعار ولست تحت سطوة أي‬
       ‫كتبت في هذه المجموعة عن‬                                                                     ‫ظلال‪.‬‬
       ‫الإيروتيك ثم وجدت أنه لا‬      ‫حزب ولست مطالبًا بالمثول أمام‬          ‫كتبت شيئًا من التصوف في هذا‬
‫يستحق مجموعة كاملة واستنفذت‬             ‫أي محكمة ثورية‪ .‬أنا أكتب ما‬         ‫الكتاب بمحبة شديدة‪ ،‬وجدتني‬
      ‫ما أردت قوله! الإيروتيك في‬              ‫يمليه حسي الإنساني‪.‬‬         ‫ذاهب إلى مناطق لم أكتب فيها من‬
  ‫النهاية يظل محدو ًدا‪ ،‬لم أستطع‬                                          ‫قبل‪ ،‬إلى مناطق جديدة من التفكير‬
   ‫أن أذهب لأبعد مما كتبت حتى‬         ‫المجموعة فيها نوع من التشاؤم‬         ‫الصوفي‪ ،‬وخرجت النصوص كما‬
      ‫أنه ‪-‬كما لاحظت بعض هذه‬         ‫أو النظرة السوداوية التي تجمل‬           ‫رأي ِت في الكتاب‪ ،‬لكني لم أكرر‬
     ‫النصوص الإيروتيكية‪ -‬فيها‬        ‫الهزيمة‪ ،‬لكن أي ًضا تظل التجربة‬        ‫التجربة‪ ،‬دائ ًما أهرب إلى مناطق‬
      ‫استرجاع للوطن‪ ،‬استرجاع‬        ‫واحدة من تلك الغيمات التي أذهب‬          ‫ثم أعود‪ ،‬وليس شر ًطا أن أعود‬
      ‫للذاكرة المهزومة‪ ،‬استرجاع‬
                                       ‫إليها ثم لا أقيم عندها ثم أعود‬                     ‫للمنطقة نفسها‪.‬‬
                      ‫لطفولتي‪.‬‬       ‫لها أتفيأ بظلالها‪ ،‬أستحلب وتقها‬       ‫لا أتشبث بنمط كتابي أو شعري‬
  ‫ويبدو أنه حتى في هذه اللحظات‬
 ‫من النشوة والمتعة كأن روحي لا‬         ‫وماءها ومطرها‪ ..‬هكذا الأشياء‬          ‫معين لذلك تختلف الكتابة بين‬
 ‫تفقد تلك المعاني العميقة المترسبة‬                  ‫عندي غير ثابتة‪.‬‬          ‫كتاب وآخر‪ .‬أما الظروف التي‬
‫فيها من الذاكرة والطفولة والحياة‪،‬‬                                         ‫أحاطت بكتابة هذه النصوص فقد‬
‫وهذه ربما تلازم شخصيتي حتى‬             ‫“سامضي إلى العدم” ربما هو‬             ‫جاءت نتيجة تجربة شخصية‪،‬‬
   ‫عندما أصادف نو ًعا من البهجة‬        ‫مضي إلى حياة أخرى‪ ،‬أو حياة‬           ‫حين زرت مكة المكرمة‪ ،‬والدافع‬
  ‫تسترجع الذاكرة أن الحياة التي‬        ‫جديدة‪ ،‬ربما سخط على الواقع‬            ‫المحرك لكتابتها ارتبط بتجربة‬
                                       ‫الذي أعيش‪ ،‬ربما انتظار لميلاد‬          ‫خاصة‪ ،‬فكما يقال «فتش عن‬
     ‫عشتها كانت قاسية‪ ،‬وأن هذا‬
‫الترف لا يليق بي‪ ،‬وهذه المتعة قد‬                             ‫جديد‪.‬‬               ‫المرأة» حتى في النصوص‬
                                       ‫هناك دراسات تحدثت عن تلك‬                                 ‫الصوفية!‬
   ‫لا تليق بي‪ .‬أسئلة كثيرة تخطر‬        ‫المجموعة وكيف أنظر إلى العدم‬
     ‫على بالي أثناء الكتابة وبعدها‬     ‫بصورة فلسفية‪ .‬ربما بعد هذه‬         ‫في ديوانك “سأمضي إلى‬
                                                                           ‫العدم” تأكيد لشعرية‬
                                         ‫التجربة وهذا العمر رأيت في‬
                                     ‫لحظة كتابة القصيدة أن الهروب‬            ‫التمرد التي لازمت‬
                                                                           ‫مشروعك الإبداعي منذ‬
                                           ‫إلى العدم أفضل من الواقع‬       ‫البداية وتراكم التساؤلات‬
                                       ‫الذي أعيشه‪ ..‬وهي كلها مجرد‬           ‫والأزمات الوجودية‪..‬‬

                                           ‫اجتهادات لا أكثر ولا أقل‪.‬‬

                                     ‫أحدث دواوينك “تجبر‬
                                     ‫خاطر الغريب‪ ..‬وردة”‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219