Page 219 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 219
217 ثقافات وفنون
رأى
محمد عبد النبي َسراب
ال ُع ْمق
حياتها نفسها ،رغم أ َّن أعمالها بال ُعمق ،تلك الرغبة الطائشة في قصة باتريك زوسكند ( َهوس
كانت جميلة وموهبتها كانت القاتلة.
مب ّشرة. العمق) ،أشا َد أحد ُن َّقاد الفن
إذا أطلقنا ال َعنان لخيالنا قلي ًل في القصة طاقة ُسخرية مريرة التشيكيلي بأعمال فنانة شابة في
أقرب للكوميديا السوداء ،تنبع معرضها الأ َّول ،لكنه أضا َف قائ ًل
لتص َّورنا باتريك زوسكند نفسه –بالأساسِ -من تصديق الفنَّانة
يقرأ مقا ًل عن رواية ال ِعطر مث ًل، لها إ َّن أعمالها ،رغم موهبتها،
لناق ٍد يرى أ َّنها عمل جيد وممتع لل ُحكم الذي صد َر ضدها، تفتقر لل ُعمق ،وهو الرأي الذي
وإيمانها به إلى حد أن يقودها كرره بصيغة أخرى في مقاله
لكنه للأسف يفتقر لل ُعمق ،لك َّن عنها ،وهو الرأي نفسه الذي
زوسكند على عكس الر َّسامة بحثها عن ال ُعمق إلى َعدم فعل أي سرى وتردد وتر َّسخ عقيد ًة لا
الواعدة لم يكن شا ًّبا ساذ ًجا شيء بالمرة ،بل أن تتخلَّص ِمن جدا َل فيها ،ليس فقط بين جميع
ُمرتب ًكا ،وأدر َك أ َّن
المحيطين بفنَّانة شتوتجارت
هذا ال ُحكم ليس نهائيًّا الواعدة ،ولكن في داخلها
وأنه ربما أقرب لكلام أي ًضا ،ما دفعها للشك في
الصحافة الفارغ الذي
قدراتها ومحاولة اكتشاف
سوف ينساه كاتبه ماذا يعني ال ُعمق في الفن
نفسه بعد أيام قليلة .على ُث َّم العجز عن رسم أي
عكس الفنانة التشكيلية، شيء والانسحاب من
لن يستولي َهوس العمق العا َل والانكفاء على الذات
ُث َّم الاكتئاب والانتحار،
هذا على حياة زوسكند بعد بضع سنوات ،بالقفز
ويح ّولها إلى جحيم ِمن فوق ُبرج التليفزيون،
متواصل ،بل سوف
يستولي هو على ذلك لتأتي كلمات الناقد نفسه في
ال َهوس ،ويح ّوله إلى تأبينها ،لكي تحلل وتف ّسر
و ُتعلق على ذلك ال َهوس
شيء جميل ،مث ًل قصة
باتريك زوسكيند