Page 223 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 223

‫‪221‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

‫د‪.‬علي عفيفي علي غازي‬                     ‫الأمراض الوبائية‬
                                         ‫في التاريخ‬

 ‫الإمبراطور البيزنطي جستنيان‬                ‫القيم والمبادئ الأخلاقية‪ ،‬التي‬      ‫شهدت البشرية منذ فجر‬
   ‫العظيم (‪565 -527‬م)‪ ،‬كان‬                  ‫تحكم الأفعال في زمن الأوبئة‪،‬‬
                                            ‫وتحدد الصالح وغير الصالح؟‬            ‫التاريخ العديد من الأمراض‬
‫الناس ينتظرون موسم الحصاد‪،‬‬                   ‫كتخزين الأغذية‪ ،‬الأولوية في‬    ‫الوبائية والطواعين‪ ،‬والتي أزهقت‬
  ‫وفي ليلة صيفية لم يأت بعدها‬            ‫العلاج‪ ،‬الحريات الفردية‪ ،‬حريات‬
                                         ‫العبادة‪ ،‬تجارب اللقاحات‪ ،‬التشفي‬        ‫الكثير من الأرواح‪ ،‬وكان لها‬
‫نهار‪ ،‬فقد استمر الظلام الدامس‪،‬‬            ‫السياسي‪ ،‬التنمر والسخرية من‬        ‫تداعياتها على الحياة الاقتصادية‬
                                         ‫المصابين‪ ،‬فما هو التصرف الأمثل‬
                             ‫جون لوريمر‬  ‫سواء للفرد أو المجتمع أو الدولة‪،‬‬      ‫والسياسية‪ ،‬إذ اجتاحت العالم‬
                                                                            ‫عبر تاريخه موجات من الكوليرا‪،‬‬
                                              ‫وما هي التعليلات الأخلاقية‬
                                              ‫للأفعال والأنماط السلوكية‪،‬‬        ‫الطاعون‪ ،‬الجدري‪ ،‬الإنفلونزا‬
                                                                                  ‫الأسبانية‪ ،‬التيفود‪ ،‬الملاريا‪،‬‬
                                                     ‫والسياسات المتبعة؟‬          ‫الحصبة‪ ،‬التراخوما‪ ،‬السعال‬

                                                ‫عام الهلاك‬                   ‫الديكي‪ ،‬السل‪ ،‬الأمراض المعوية‪،‬‬
                                                                                 ‫ولم تكن الإنسانية حينئذ قد‬
                                            ‫شهدت الكرة الأرضية في سنة‬           ‫عرفت اللُقحات‪ ،‬ومن ثم كان‬
                                           ‫‪536‬م‪ ،‬فيما ُعرف بعام الهلاك‪،‬‬
                                            ‫كارثة عظيمة‪ ،‬كانت على وشك‬        ‫العلاج الوحيد المتوفر هو الحجر‬
                                                                            ‫الصحي‪ ،‬أو العزل المنزلي‪ .‬ويهدف‬
                                             ‫أن ُتفني البشرية جمعاء؛ لولا‬    ‫هذا البحث لتقديم تمهيد تاريخي‬
                                         ‫رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده‪،‬‬
                                                                                  ‫مختصر عن أشهر سنوات‬
                                             ‫ففي السنة العاشرة من حكم‬          ‫الأوبئة في التاريخ‪ ،‬وصو ًل إلى‬
                                                                                ‫جائحة كورونا‪ ،‬والتي سببت‬

                                                                                ‫ال ُذعر والهلع حول العالم‪ ،‬ثم‬
                                                                                  ‫يطرح الإشكالية‪ :‬ما وضع‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228