Page 213 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 213
ربما لو لم تكن فلسطين من ذلك إذ أحس بإنسانية البشر
محتلة لما أصبحت شاع ًرا. جمي ًعا .هذه ليست مزايدة لكنها
كنت مقتن ًعا أن الشعر طبيعتي ،ربما نتيجة الظروف
سيوصلني إلى تحرير التي عشتها والألم الذي عانيته
والظلم الذي لمست آثاره مبك ًرا،
فلسطين .ربما لو نشأت بقيت هكذا أنظر للإنسانية بشكل
في ظروف أخرى لتأخرت
شاعريتي لأكثر من ذلك ،أو آخر مختلف ،وأنظر حتى إلى
لاتجهت لفن آخر أو كتابة العدو بالمنطق نفسه ،لكن في
وقت الهزيمة ليس لدي الترف أن
من نوع آخر أأنسن العدو كما فعل غيري.
الترجمات جاءت بالصدفة فأنا
العـشاء ،يرجـف مـع في عام 2007أصدرت لست معجبًا بالثقافة الغربية
صوت المؤذن ،ينهض كتابك “كما يليق بطير ولا منسح ًقا تحتها ،أنا معتز
من دفئه مع صوت طائش” وجمعت فيه بلغتي وهويتي ،أشعر أني إنسان
الفجر الطالع ،مثل أنين نصو ًصا أدبية تعددت مكتمل؛ صحيح هناك إحباطات
المقتول ،من بين ركام موضوعاتها دون أن كثيرة في محيط الوطن العربي،
القرى المهدم” .ما طبيعة تفقد شاعريتها وتدفقها.. وصحيح أن هناك تغو ًل للأنظمة
الظروف المحيطة بتلك تميزت النصوص بحس وتغييبًا للإنسان وغيا ًبا للمشروع
التجربة المميزة في صوفي لا يبدو واض ًحا في الديمقراطي ،لكن لدي ثقة في
مشوارك الإبداعي؟ كثير من كتبك الأخرى: مجتمعي؛ في قيمته وإنسانيته
“إلهي أعرني منك لي ،أريد وبساطته .هناك قوى موجودة في
هذا الكتاب كان عبارة عن استعارة يدي لكتفي ،أريد هذا الواقع رغم الظلم ومحاولات
نصوص شعرية نيئة ،لم تصل بصيرة عيني لمحجري، الطمس ،هناك مثقفون واعون في
إلى مرحلة القصيدة الكاملة ،هي أبحث عن كناية تـزرع كل العالم العربي .هناك قامات
أعلى من الكتابة النثرية وأقل من أصـابعي في راحتـي، أدبية كبيرة .ربما هذا الأمر
مستوى الشعرية ،وجدتها مجرد جعلني أكتب بحس إنساني أكثر
نصوص .ولم أواصل هذه التجربة قلبي بين ضلوعي،
أي ًضا ،صحيح في الكتاب هناك جسدي في بوتقة الوعي منه ذاتي بدون تنظير.
نصوص صوفية كتبتها بمحبة المفقود ،من بهـاء نورك مرحبًا إذا أتت الجوائز ،لكنها
شديدة ،لا أدعي أني متصوف لكن اللامحدود .أعرني طف ًل ليست مهمة في المدى البعيد،
ربما في الأعماق هناك بذرة من كنتـه يمـشي إلى صـلاة متعتي الحقيقية في الكتابة نفسها،
التصوف ،لأن التصوف العربي فأنا عندما أكتب القصيدة أفرغ
طاقة مكبوتة داخلي ..وهذه
هي متعتي الكبرى ..لا أفكر في
مكاسب للنشر أو مرابح مادية.
مازلت ذلك الطفل الذي كان يكتب
الشعر في كراساته المدرسية
وعلى أغلفة كتب زميله في الصف،
مازلت ذلك الطفل ،لم أتغير إلا
ببعض الشيب الذي غزا فوديه.