Page 77 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 77
75 إبداع ومبدعون
قصــة
ممتدة إلى ما لا نهاية ،وتدعونا للخلود ،لا بداية ولا شيء يأخذني إلى أين؟ لا أدري ،فهل بوسع شيء
أو أحد أو سبب أن يأخذنا خارج الفردوس ،الذي
نهاية .في المتاهة نحن نسير ،لا نريد الخروج بينما
النهار يفر والليل يتقدم واث ًقا ،متوكئًا على سوقنا أعطاه الله للمحبين؟
حوريتي أنت هناك ،فهل بوسع ما بيننا من
المجهدة. قصص مجهضة في زمان البعد ،وشبقي الذي لا
ينتهي باللقاء أن يمنحنا زا ًدا أبد ًّيا؟ أقول لك :نعم.
()6 صدقيني ،فالله الذي وهبك كل هذا الحسن هنا ،لن
آه يا صغيرتي الجميلة ،شاردة أنت على مفارق يسلبه عنك هناك.
الأيام ،تخفين شقاوتك كي تظهري أمامي جادة أدرك منطق هؤلاء الذين يقارنون بين ما نحن فيه،
كأنك صخرة مع أن داخلك نهر دافق من المشاعر وما ينتظرنا على أساس المسافة والزمن ،لكني أقول
التي تفيض في عينيك فتغرقني .لم تمدي من لهم:
ضفائرك المسترسلة العفية مشنقة ،ولا حاجز -ما عشناه قد عرفناه ،وقد لمسناه بأيدينا ،ولفحته
يمنعني من الذهاب إلى ما أريده من جهر بالحق
في وجه الباطل ،ودفع النور ليصرع الظلام .لكنني حرارة أجسادنا ،وشهقنا مع لذته ،وأرهقنا ألمه،
أعلم أن رضاءك واندهاشك أحيا ًنا هو مصيدتي، ورقصت في عيوننا الأماني بأننا سنلتقيه ،فهل
كما هو عتابك أو سؤالك. بوسع كل هذا أن يكفي؟
يا أيها التي كبرت في غيابي ،أنا حاضر الآن كي أيتها الأماني التي لا نهاية لها ،أنت خمري وغيابي،
سكري وعودتي ،رحيلي وإيابي ،فلا تتصوري أب ًدا
أشهد اكتمالك ،وأنت تنزعين من الأيام جس ًدا أن صمتي كل الوقت ،أو بعضه ،يعني أن هناك ما
فار ًعا ،وعق ًل قاد ًرا على استيعاب ما يطلبه الزمن تسرب من روحي أو جسدي خارح مدارك ،فكل ما
الجديد ،الذي أقف أنا على تخومه عاج ًزا ،وأيامي أنا كنت له وأكون وسأكون يبدأ منك ،وينتهي إليك،
تهرب من بين أصابعي. لأنك القدر الذي حدده الله لي ،وجعل بينه وبيني
كيف لي يا صغيرتي أن أندهش لك كما فعلت أنت ربا ًطا غلي ًظا ،لا تبليه الأيام.
في سالف الأيام ،حين كنت تنصتين إلى كلامي ()5
الغريب ،وأفكاري الذاهبة عن زمنك ،وتتسع
سمراء كالقمح ،شهية كالنبيذ ،عفية كريح السماء،
حدقتاك غربة ،لأرى فيهما شفقة على أيامي التي حين تريد أن تراقص الشجر ،شجية كتغريد طير
راحت ،كيف مضت على هذا النحو؟ وأي قدرة
عصره الألم .حين تبتسم تولد الشمس ،ويهمي
سرت في أوصالها حتى وصلت إلى أيامك التي تنعم المطر ،فتتفتح ورود الدنيا .أقول لها :أنا لك ،فأرى
بكل شيء ،اقتحام الآفاق ،والانتصار الدائم على
في عينيها الفرح ،وكأني مشرف على الاحتضار.
الشدائد ،وتبدد ما كنت أعتبره مجهو ًل وأنا في مثل تقول لي :الحياة أنت .وأنا كهل يهتز على أجنحة
سنك. الشفق ،هي تشرق الشمس من كفيها ،لكننا نتلاقي
عند أول المساء ،حين يفرش الغبش ستار الأمان،
أتعجب لتعبيراتك ،وأسأل نفسي :في أي لحظة كنت فلا يرانا أحد .أحدق في عينيها فأرى الليل .تحدق
شار ًدا أهذي وكنت أنت تلتقطين الكلمات من فوق في عيني فترى النهار .هي الغياب وأنا الحضور،
شفتي المقددتين من فرط الأسى .هل سمعتيها في لكني أراها الحضور وأنا الغياب .بيننا لا حضور
صحوي أم في منامي أم في غشاوة بين هذا وذاك،
ولا غياب ،ولا غياب ولا حضور .من ذا الذي
في حضور أم في غياب يا صغيرتي؟ بوسعه أن يعرف الوقت بينما الجسد ريشة،
أعطيتك بعض ما يضنيني دون أن أدري كيف لك والروح تنهمر .الحياة مفروشة فوق جثث الموت،
أن تهديني لأيام أخاذة ذهبت عني بجسدها ،لكن
روحها تسكن روحي .دست على حروف الكلام
حتى ذاب بين أسناني وصار سل ًسا يجري إلى