Page 78 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 78

‫العـدد ‪24‬‬   ‫‪76‬‬

‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

    ‫أذنيك‪ ،‬ولأنه متدفق من أعماق نفسي‪ ،‬رشق في‬
                      ‫نفسك‪ ،‬وتسلل إلى خلاياك‪.‬‬

 ‫اغفري لي ابتعادي عنك أحيا ًنا‪ ،‬فأنا‪ ،‬وبعد كل هذه‬
  ‫السنين‪ ،‬لا أبرح منطق الطير‪ ،‬الذي يغدو خما ًصا‬
   ‫ويعود بطا ًنا‪ .‬أسعى وراء رزقي المربوط بأرزاق‬
‫الذين خرجوا من ظهري ودبوا على الأرض‪ .‬معذور‬
‫أنا بعماي الذي يصور لي أحيا ًنا أن هناك أياد غليظة‬
   ‫تمتد لتمنع عني ما يمدني بأسباب البقاء‪ .‬اهتزاز‬

     ‫عابر يا صغيرتي لا يلبث أن يخمد تحت قدم َّي‬
  ‫الثابتتين‪ ،‬وذراع َّي المفرودتين لتهش عنك وأخوتك‬

       ‫وأمك هذه المناقير الشرهة‪ ،‬والأنياب الحادة‪.‬‬
   ‫يا صغيرتي لا تتركي براءتك على قارعة الطرق‪،‬‬

      ‫أو في حقائبك الفارغة‪ ،‬أو حتى في تلك النظرة‬
   ‫الواصلة بينك وبيني‪ ،‬حين يدفع السؤال جفنيك‬
    ‫للتباعد‪ ،‬لأرى الحيرة محفورة في مقلتيك‪ ،‬فأمد‬
‫يدي لأبددها‪ ،‬وأرش مكانها حبات البهجة‪ ،‬كي تبقى‬

                      ‫ابتسامتك مشرقة إلى الأبد‪.‬‬

                 ‫(‪)7‬‬

     ‫ما الذي تسرب إلى نفسك جعلك تتوهمين بأن‬
    ‫ما كان لك ليس كذلك‪ .‬غيرتك وحيرتك وشوقك‬
  ‫العارم يأتي على ما ظننت أنه راسخ كطود عظيم‪،‬‬
   ‫ولا يزحزحه شيء أب ًدا‪ .‬كيف لك أن تدعي الريح‬
  ‫الخفيفة تهز ما كنا نظن سو ًّيا أنه ثابت إلى الأبد؟‬
  ‫متى يدرك الرجل المتيم أن غيرة امرأة عليه قادرة‬
  ‫وحدها أن تطلق ما يزلزل الجبال‪ ،‬فتنفجر براكين‬
 ‫مستعرة‪ ،‬فتغور الصخور‪ ،‬ويبرز الطمي العفي في‬
  ‫قلب النار محم ًل بالظنون‪ .‬والظن أثقل على النفس‬
   ‫من الصخر الهائل على الطين‪ .‬أنت تجعلينه كذلك‬

      ‫فتحملين وزر ظنونك‪ ،‬التي تميد منها الجبال‪.‬‬
  ‫عشقي أنا يعيش بين الصخر‪ ،‬بذائقة نهر ونسيم‬

     ‫وفراشات وورد ونحل دائب يجد وراء القوت‬
  ‫العابر كي يخرج لنا هذا العسل المصفى‪ ،‬الذي فيه‬

                                   ‫شفاء للناس‪.‬‬
        ‫الظنون حريق يا صديقتي‪ ،‬موت لأصحاب‬
    ‫النفوس المهيضة‪ ،‬وبعث للمحبين الواقفين هناك‬
   ‫عند أقصى الأرض هازئين بكل الذي جعلكم أيها‬
‫الناس تحزنون وتيأسون لأن هناك من وسوس في‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83