Page 107 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 107
105 تجديد الخطاب
حمادى بن جاء الله لوسيان بولاسترون هاشم صالح العرب والمسلمين في الحفاظ على
الكتب واقتنائها ،وراح الكاتب
والتخلف والقسوة ،وكيف أن الثقافة الغربية ،وينتهي إلى أن يفسر دواعي هذا الحرص على
الجيش الفاتح لم يقدر مظاهر هؤلاء الفقهاء هم المؤسسون التشويه تفسي ًرا مغلو ًطا تمشيًا
للتخلف والرجعية ،والمحرضون مع النغمة النشاز السائدة في
الحضارة والرقي في البلدان الأوساط السياسية والإعلامية
المفتوحة ،فخرب المدن وأحرق على رفض ثقافات الآخرين وبعض المراكز العلمية في
واغتصب وشرد ،وأخاف الناس والداعمون للعنف. أوروبا وأمريكا ،بل إن الكاتب
فدخلوا الإسلام عنوة متظاهرين بولاسترون كان يرد كل فضل
ليردوا الأذى المحدق بهم .ولم والكتاب الذي يقع في ثلاثة عشر أحرزه العرب والمسلمون في
يقدم الجيش الفاتح على ما أقدم فص ًل -متفاوتة الطول والقصر الأندلس إلى اليهود ،كما سلك
إلا بإيعاز مباشر وقوي من عمر
بن الخطاب الذي كان يعلن –على بحيث يمكن دمج أحدها في هذا أي ًضا في تفسير ولع المأمون
حد زعم المؤلف -لقادة الجيوش الآخر -ينشغل معظمه بقضايا بإنشاء دار الحكمة في بغداد،
أن المسلم ليس بحاجة إلى أية فرد هذا الإنجاز إلى اليهود
الفكر والعلم في بلاد الشرق، والبيزنطيين ..وهكذا فسر ما
مصادر معرفية أخرى ،لأن وعلى الأخص المنطقة العربية صنعه الخليفة الفاطمي المعز
كتابه القرآن فيه الغناء عن كل ما والإسلامية ،وفي القلب منها لدين الله ،فلولا ابن كليس ما
مصر ،ويقف طوي ًل في غير فصل
سواه .وهذا المعتقد معتقد ممتد من فصول الكتاب وباستطراد صنع الخليفة ما أسماه لوسيان
ومتأصل –كما يرى لوسيان لا لزوم له عند الإسلام ودخوله بولاسترون خزانة الكتب.
بولاسترون -منذ القدم عند بلاد العالم القديم بوصفه بدي ًل
لإمبراطورية الفرس والرومان، وثالث الأسباب التي تجعلنا
معتنقي الديانات الثلاثة اليهودية في المساحة الجغرافية الشاسعة أشد اهتما ًما بالكتاب وبما ورد
والمسيحية والإسلام .فيذكر التي كانت تقع تحت نفوذ هاتين فيه ليس أهمية الموضوع الذي
القوتين العظميين ،ثم يلمز العرب يعالجه ،فتلف المكتبات وإحراق
لوسيان أن اليهود والمسيحيين الفاتحين بكل ألوان التعصب الكتب ليس أشد هو ًل وفظاعة
كانوا يعتقدون أن كل شيء من إحراق البشر وتدمير بلادهم
وتشويه تاريخهم ،وإسناد
الفضل في تقدم البشرية إلى
فصيل من الناس هم الغربيون
والأمريكان وحدهم ،بل إن
التجرؤ على الرموز الدينية
والتاريخية والأخلاقية ،والعداء
السافر للدين الإسلامي وكتابه
ورسوله ،يعد وحده سببًا كافيًا
لقراءة هذا الكتاب والرد على
ما ورد فيه من تشويه لصورة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
يضاف إلى ما نقول أن الكاتب
يحاكم الفكر الإسلامي والخلاف
بين الفقهاء والفرق من منظور