Page 110 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 110
العـدد 23 108
نوفمبر ٢٠٢٠
بالإضافة إلى جهل لوسيان البين وآسيا ،هل هي تنويرية تقدمية رواية ضعيفة وردت في كتاب
بحقائق ثابتة مثل القراءات السبع لم يدمر أصحابها الحضارات القفطي (تاريخ العلماء) ،وهو
للقرآن ،التي ع َّدها سبع نسخ من ولا المكتبات؟ -يقول“ :لو أن من كتاب القرن السابع الهجري،
هذه المكتبة العظيمة -مكتبة هذه الرواية ليست متواترة في
القرآن محاو ًل الطعن كعادته في الإسكندرية -بقيت على قيد المصادر السابقة عليه والقريبة
كل ما هو مشرق ونبيل لدينا. الحياة لشكلت حاج ًزا فلسفيًّا من حدث دخول العرب مصر،
يقينًا من طوفان الأديان
ولم يترك عمر بن الخطاب في هذا التوحيدية وظلاميتها الفكرية ليؤكد للقاريء أن عمرو بن
الفصل ،بل أسند إليه ما حدث في المعادية للعلم والفلسفة”. العاص كان مضط ًّرا لتنفيذ أوامر
بلاد الروم وفارس .فمثلا يقول
“أمر عمر بن الخطاب عام 637م (ص )60إلى أن يصل إلى قوله في عمر بن الخطاب بتدمير المكتبة
موضع آخر من الكتاب“ :وهكذا الوليدة والجامعة الناشئة (انظر
بتدمير مدينة المدائن ،العاصمة نلاحظ أنه حينما تسود الديانات
القديمة للساسانيين ومدينة جند التوحيدية يحصل حرق الكتب، ص )59 /58بدعوى أن ليس
فيها ما يفيد ،وأن الإسلام يجب
يسابور”( .ص )93بما كان كما فعل ذلك مؤسس الديانة ما قبله .وبالمناسبة يقف عند هذا
فيهما من مكتبات وآثار. التوحيدية المصرية فرعون مصر المأثور عن الرسول بأن الإسلام
وإذا ما انتقلنا إلى القرن الثالث إخناتون .ولهذا يذكر بعض يجب ما قبله ويوظفه في مثل
الهجري وازدهار بغداد بالعلم الباحثين أن التعصب يرافق هذه السياقات توظي ًفا خا ًّصا
والعلماء والمكتبة الضخمة (بيت بالضرورة كل الأديان التوحيدية به ،ومن منظور عدائي متربص،
الحكمة) التي شيدها المأمون، وهكذا يفعل دائ ًما في كل الأمور
ارتفع صوته بالإشادة والإعجاب لأنها لا تؤمن بالتعددية”. التي تقبل التفسير والتنازع،
ليرد كل الإنجاز إلى غير العرب: ولا يتوقف لوسيان عن التمادي فيسارع بحسمها خدمة لما يريد.
“ومعلوم أن رؤساء الأقسام في خطيئته في حق العرب وعمر ويزداد تخبط لوسيان فيسحب
العلمية الخاصة بالترجمة أو بن الخطاب بإلصاق حرق مكتبة
ما ظنه صحي ًحا من تدمير
البحوث كانوا جميعهم من الإسكندرية إليهم ،بل يمتد إلى مكتبة الإسكندرية بأمر من عمر
غير العرب ولم يكونوا كلهم الفصل الرابع من الكتاب ،وهو
مسلمين”( .ص )114ولا بأس، أهم فصوله ،جعله كله لفرض بن الخطاب على صلاح الدين
ولكنه يحدد اليهود على أساس تصوره الشخصي علي التاريخ الأيوبي ،على بعد ما بين الرجلين
ديني لينالوا هذا الشرف ،أما
المأمون في رأيه فقد كان استثناء والحقيقة التاريخية ،فيشكك من الزمن واختلاف الأحوال
تشكي ًكا مفضو ًحا في جمع القرآن والسياقات .ويقول عنه إنه هو
من العرب والمسلمين لأنه مثل سلفه باع المكتبة الفاطمية
تحدى الفقهاء مباشرة ،ووصل الكريم ،وكيف أن عثمان بن الشهيرة في القاهرة ليدفع رواتب
معهم أحيا ًنا إلى حلول وسطية عفان استكتب زيد بن حارثة الجند ،ليعلن في كلمات حاسمة
نسخة من القرآن وفرضها على أن عمر بن الخطاب كان أول من
في بعض المواقف عندما يكون كل العالم الإسلامي فيما يشبه دمر الآثار والكتب في الإسلام
مضط ًّرا للخروج إلى الحرب ،ولم المؤامرة ،وأمر بإحراق كل النسخ
الأخرى ،ورأى أن هذا في زعمه واحتل قصب السبق في هذا
يتوان عن اللجوء للقوة لإجبار دليل على إخفاء حقيقة القرآن المجال.
متشددي الفقهاء على الليونة في الذي تركه محمد“ :وقد أدى إلى
تزايد الشكوك وازدياد المماحكات ويتصاعد الخطاب العدائي
مواقفهم .انظر ص.114 الجدالية حول النسخة الرسمية في كتاب لوسيان إلى دمغ كل
أما الأغلاط التاريخية التي الأديان السماوية بالظلامية
وقع فيها لوسيان في كتابه للمصحف”( .ص )99هذا
هذا فكثيرة ،ولا تكفي المساحة -ولا أدري ما موقفه من
لتقديمها ونكتفي بالتمثيل لها. الأديان غير السماوية في أوروبا