Page 114 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 114
العـدد 23 112
نوفمبر ٢٠٢٠
نظر مبروك ،بل هي فعل أيديولوجي قبائل في نظر علي مبروك في شكل الأيديولوجيا -أستخدم أنا هنا
يخضع لإرادة الجابري المُسبقة، حروب أيديولوجية .ليصير النقد تعبير الأيديولوجيا بدلالة :تحيزات
المعرفي في سياقنا العربي لم تعد اجتماعية وسياسية وثقافية ُمسبقة
والإرادة تنفتح على حشد من «الميول أهدافه «تحرير الأفهام بقدر ما باتت توجه منتوجات الدراسة -عليها؟
والرغبات والانحيازات» ،فعمل
تثبيت الأوهام ..أوهام الأصالة ويأخذ مبروك من «تناطح» هذه
الجابري نوع من التطابق بين الحيز وجدارة الصدارة والقيادة». الخطابات النقدية المعرفية في معركة
الجغرافي والمجال المعرفي ،فالمشرق «نقد العقل العربي ونقد النقد» دلي ًل
ليدخل علي مبروك في تفكيك تسرب
جغرافيًّا لا بد وأن يكون بيانيًّا الأيديولوجيا في خطاب الجابري، على تملك الأيديولوجيا منها.
عرفانيًّا في المجال المعرفي ،والمغرب معتم ًدا على النقاط السابقة التي يرى علي مبروك أن المحرك وراء
كجغرافيا لا بد وأن يكون برهانيًّا، الصراع في هذه المعركة بين الجابري
في المجال المعرفي .ليلتقي هذا التقسيم ذكرها في هامش رسالته للدكتوراه. وطرابيشي هو «أيديولوجيا الأصالة
في نظر مبروك بالكتابة الاستشراقية ليضيف إلى أن الاختيارات والمركز» ،فإذا كان الجابري قد سعى
عند لحظة نشأتها بالثنائية الجغرافية لمواجهة ما رآه من حالة التهميش
أي ًضا ذات الطبيعة المعرفية أي ًضا الأيديولوجية المُسبقة التي فرضت التي مارسها ويمارسها المشرقيون
أن مفهوم القطيعة يعمل بآليات على مدى قرون طويلة ،بمحاولته
«الغرب والشرق». الأيديولوجيا .فإرادة محمد عابد
ثم يتناول علي مبروك بعض أمثلة الجابري «إيجاد تاريخ للفلسفة إثبات أصالة ومركزية المغرب،
الجبر التي مارسها الجابري ليجعل الإسلامية فيه شيء من التقدم»، فإن طرابيشي بعد فترة انبهار
المفكرين يدخلون في تقسيماته ،في بالجابري صحى على «بنية للعقل
فهذا التاريخ وتقدمه تطلب أن يكون العربي» تجعله في المشرق الهرمسي
مثل قيام الجابري بالفصل بين هناك تجاوز للنظرة المغربية لكونها الغنوصي اللاعقلاني ،سبب كل
الكندي وبين ابن رشد ،لأن الكندي ما نحن فيه من تراجع ،فانبرى
لم يكن هو الخطاب السائد لكي يقطع هي التالية في الترتيب التاريخي طرابيشي يدافع عن أصالة ومركزية،
للنظرة المشرقية السابقة عليها، ليس في مواجهة مغرب الجابري
مع ابن رشد ،لكن أي ًضا للفارق ويكون هذا على «القطيعة» .فالقطيعة فحسب ،بل هي أصالة ومركزية
الزمني بينهما ،فشرط الجابري ليست فعل معرفي يعمل بآليات علمت وشكلت التراث المكتوب باللغة
المعرفة خاضع للعقل عند الجابري في اليونانية القديمة ،بالتالي الغرب
هنا كما يقرأه مبروك «أن الأوروبي الحديث أي ًضا .بل يكون
غياب الفاصل الزمني هو للمركز «الفينيقي» الذي ينتمي إليه
طرابيشي «دور حاسم في بناء العقل
شرط لقيام الاتصال اليوناني» .ليعلن علي مبروك أن
المعرفي» .في حين أن «النقد المعرفي» هو الآخر ارتد بالعرب
الكندي أقرب زمنيًّا ليس إلى ماضيهم ،بل إلى ماضيهم
السحيق ،تناح ًرا حول الأصالة،
حسن حنفى وليصبح الأجدر أصالة ومرك ًزا
منهما أن ُيمسك «بمقاليد السلطة
ومهماز القيادة»،
ليصبح الأمر
حروب