Page 109 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 109

‫‪107‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

    ‫الإسكندرية‪ ،‬وهكذا أصبحت‬             ‫يقول‪“ :‬كانت الإسكندرية تلمع‬                              ‫أمريكا‪.‬‬
‫هذه المدينة هونج كونج العصور‬          ‫بألف بريق وبريق وتنال إعجاب‬         ‫ولنقف عند خطيئة من خطيئات‬

             ‫القديمة”‪( .‬ص‪)48‬‬                ‫العالم كله‪ ،‬وكانت مكتبتها‬         ‫لوسيان وهى مسألة مكتبة‬
‫ويذكر كما يثبت التاريخ أن أول‬             ‫الكبرى جوهرتها الأكثر جدة‬         ‫الإسكندرية‪ ،‬فقد تناول نشأة‬
                                      ‫وابتكارا”‪( .‬ص‪ )44‬ويتحدث عن‬
    ‫من قضى على ذلك الازدهار‬           ‫المكتبة فيقول‪“ :‬والواقع أن مكتبة‬          ‫مدينة الإسكندرية على يد‬
    ‫غير المسبوق لم يكن عمر بن‬            ‫الإسكندرية كانت أضخم بيت‬             ‫الإسكندر الأكبر‪ ،‬ثم رحيله‬
                                         ‫{للطباعة} والنشر في العصور‬      ‫المفاجيء وازدهار المدينة ازدها ًرا‬
      ‫الخطاب‪ ،‬ولم يكن أح ًدا من‬           ‫القديمة اليونانية والرومانية‪.‬‬   ‫عظي ًما اقتصاد ًّيا وسياسيًّا ومن‬
    ‫الشرقيين ولا من المصريين‪،‬‬             ‫وكانت المتاجرة بالمخطوطات‬          ‫ثم علميًّا‪ ،‬فصارت كما يقول‬
 ‫ولكنه كان يوليوس قيصر ذلك‬                                               ‫مدينة كوزموبولوتانية‪ ،‬أي تتعدد‬
   ‫الإمبراطور الروماني الشهير‪،‬‬               ‫قد بلغت ذروتها في ميناء‬     ‫فيها الأعراق والثقافات والأديان‪،‬‬
    ‫ولم يشر لوسيان إلى جريمة‬
    ‫الإمبراطور بكلمة استهجان‪،‬‬
 ‫بل عبر عليها بوصفها حد ًثا من‬
‫أحداث التاريخ‪ .‬كان هذا التدمير‬
  ‫قبل الميلاد عندما أراد القيصر‬
  ‫أن ينشيء مكتبة مماثلة لها في‬
‫روما بالسطو على مقتنيات مكتبة‬
‫الإسكندرية ونقلها ثم بإحراق ما‬

                ‫استطاع حرقه‪.‬‬
 ‫ويبدو ان المكتبة لم تفقد الحياة‬

        ‫فنمت من جديد ليدمرها‬
     ‫إمبراطور مسيحي متعصب‬
      ‫مرة أخرى هو الامبراطور‬

        ‫تيودوزوس عام ‪415‬م‪.‬‬
     ‫ولكن خيال الكاتب لوسيان‬
  ‫خيال واسع يخلق من الوقائع‬
 ‫التاريخية ما يروق له‪ ،‬ليمهد لما‬
 ‫يريد وهو أن مكتبة الإسكندرية‬
    ‫كانت مكتبة مزدهرة كسابق‬
   ‫عهدها –بعد تدميرها مرتين!‪-‬‬
      ‫حتى دخول العرب مصر‪،‬‬
 ‫فكان هدفهم الأول هو تدميرها‬

       ‫تدمي ًرا نهائيًّا‪ .‬فيقول إنها‬
    ‫بعد أن صارت أث ًرا بعد عين‬
   ‫سرعان ما انبعثت من رمادها‬
 ‫كطائر العنقاء في القرن الخامس‬
 ‫الميلادي‪ ،‬عندما أسس مارقوس‬
  ‫الإنجيلي في الإسكندرية جامعة‬

      ‫كبيرة‪ .‬ويعتمد المؤلف على‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114